للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال: (وطرق الحذف منها الإلغاء، وهو: بيان ثبات الحكم بالمستبقى فقط ويشبه نفى العكس الذى لا يفيد وليس به لأنه لم يقصد لو كان المحذوف علة لانتفى عند انتفائه وإنما قصد لو كان المستبقى جزء علة لما استقل ولكن يقال لا بد من أصل لذلك فيستغنى عن الأول ومنها طرده مطلقًا كالطول والقصر أو بالنسبة إلى ذلك الحكم كالذكورة فى أحكام العتق، ومنها أن لا تظهر مناسبته ويكفى المناظر بحثت فإن ادعى أن المستبقى كذلك يرجح سبر المستدل بموافقته للتعدية).

أقول: قد عرفك أحد شقى السبر وهو حصر الأوصاف فطفق يعلمك الشق الآخر، وهو حذف بعض الأوصاف وإبطال كونه علة، ولا بد له من طريق وهو كل ما يفيد ظن عدم العلية، وللحذف طرق:

الطريق الأول: الإلغاء، وهو بيان أن الحكم فى الصورة الفلانية ثابت بالمستبقى فقط فعلم أن المحذوف لا أثر له وهذا من حيث يثبت به عدم علية الوصف بثبوت الحكم بدونه فى صورة تشبه نفى العكس الذى قد مر أنه لا يفيد عدم العلية فى مسألة أن العكس ليس شرطًا، والحق أنه ليس بنفى العكس وإنما يكون إياه لو أريد به أنه لو كان المحذوف علة لانتفى الحكم عند انتفائه وأنه غير مراد بل المراد أنه لو كان المحذوف جزء العلة فالمستبقى جزء العلة ولو كان كذلك لما كان المستبقى مستقلًا بالحكم فى تلك الصورة وقد استقل والفرق بين المعنيين فى غاية الظهور، ولكن هذا يشكل من وجه آخر، وهو أن يقال: لا بد من صورة يوجد فيها المستبقى بدون المحذوف حتى يثبت كون الحكم معللًا به وحده وحينئذٍ يستغنى به عن الأصل الأول وعن إبطال وصف فيه، مثاله إذا قال: القوت باطل لأن الملح ربوى وليس بقوت يقال له: فقس ابتداء على الملح يسقط عنك مؤنة التعليل بالقوت، وقد يقال: إن هذا لا يستمر إذ ربما كان فى الملح أوصاف ليست فى البر يحتاج فى إبطالها إلى مثل ما يحتاج إليه من المؤنة فى البر أو أكثر منه.

الطريق الثانى فى الحذف: أن يكون الوصف طرديًا أى من جنس ما علم من الشارع إلغاؤه إما مطلقًا أى فى جميع أحكام الشرع كالاختلاف فى الطول والقصر، فإنه لم يعتبر فى القصاص ولا الكفارة ولا الإرث ولا العتق ولا غيرها فلا يعلل به حكم أصلًا وإما بالنسبة إلى ذلك الحكم وإن اعتبر فى غيره وذلك كالذكورة والأنوثة فى أحكام العتق فإن الشارع وإن اعتبره فى الشهادة والقضاء

<<  <  ج: ص:  >  >>