لكنه لا يكون نفى العكس وإن أشبهه بل لأن ثبوت الشئ دون غيره فى بعض الصور لا يدل على أن الغير ليس علة له كالحدث بدون اللمس وقال إنما قلنا: أنه ليس نفى العكس لأنه إنما يكون إياه لو كان المحذوف علة لا يبقى الحكم عند انتفاء ذلك المحذوف حتى يتحقق العكس فيه ومع كون المحذوف كذلك قصد المستدل ببيان إثبات الحكم بالمستبقى فقط ليتحقق نفى العكس وليس كذلك.
قوله:(مثاله) يعنى فيما إذا قاس الذرة على البر بجامع الكيل مبينًا بأن العلة إما الطعم أو القوت الكيل والقوت باطل لا مدخل له فى العلية لجريان الربا فى الملح مع أنه ليس بقوت وللمعترض أن يقول: فعلى هذا ينبغى أن يقاس الذرة على الملح بجامع الكيل لئلا يحتاج إلى ذكر البر وإبطال علية وصف القوت فيه وهذا معنى سقوط مؤنة التعليل ويمكن أن يجاب بأنه ربما توقع فى مؤنة أكثر بأن تشتمل الصورة التى يوجد فيها المستبقى وحده كالملح مثلًا على أوصاف كثيرة يحتاج فى إبطالها إلى أكثر مما يحتاج إليه فى البر.
قوله:(فإن قال المعترض المستبقى أيضًا كذلك) أى بحثت فلم أجد له مناسبة وحينئذٍ إن اشتغل المستدل ببيان مناسبة المستبقى وقد خرج عن طريقه إلى طريق آخر هو الإخالة أعنى تعيين العلة بإبداء المناسبة وهذا انقطاع مما كان فيه من الطريق وإن حكمنا بعلية المستبقى وعدم علية المحذوف كان تحكمًا باطلًا فتعين القول بالتعارض ولزم المستدل ترجيح الوصف الحاصل من سبره على الحاصل من سبر المعترض وستجئ وجوه الترجيح فى بابه ومما لم يذكر ثمة ترجيح وصف المستدل لكونه موافقًا لتعدية الحكم أو كون وصف المعترض موافقًا لعدم التعدية لأن التعدية أولى لعموم حكمها وكثرة فائدتها وسيجئ فى باب الترجيح ترجيح الأكثر تعديًا على الأقل.
قوله:(وبهذا يندفع ما يقال) أى بكون المراد أنه لا دخل للوصف المحذوف وأن الوصف الباقى مستقل بكونه العلة لثبوت الحكم عنده وجد المحذوف أو لم يوجد يندفع ما يقال يجوز أن تكون العلة أخص فحينئذ وجود الحكم عند عدم المحذوف لا يقتضى أن المحذوف ليس علة وعبارة المحصول منها الإلغاء وهو بيان إثبات الحكم بالوصف المستبقى دون الوصف المحذوف فى صورة كما يقال: علة حرمة