للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال: (ودليل العمل بالسبر وتخريج المناط وغيرهما أنه لا بد من علة لإجماع الفقهاء على ذلك ولقوله: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} [الأنبياء: ١٠٧]، والظاهر التعميم ولو سلمنا فهو الغالب لأن التعقل أقرب إلى الانقياد فليحمل عليه وقد ثبت ظهورها فى المناسبة ولو سلم فقد ثبت ظهورها بالمناسبة فيجب اعتبارها فى الجميع للإجماع على وجوب العمل بالظن فى علل الأحكام).

أقول: قد جره الكلام فى السبر إلى إقامة الدليل على اعتبار السبر فى الشرع وكونه دليلًا على العلية، فذكر معه غيره من المسالك كتخريج المناط وهو المناسبة وغيرها كالنسبة المشتركة فى الحكم والدليل، وتقريره أن يقال: لا بد للحكم من علة لوجهين أحدهما: إجماع الفقهاء على ذلك إما وجوبًا كالمعتزلة أو تفضلًا كغيرهم، ثانيهما: قوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} [الأنبياء: ١٠٧]، وظاهر الآية التعميم أى يفهم منه مراعاة مصالحهم فيما شرع لهم من الأحكام كلها إذ لو أرسل بحكم لا مصلحة لهم فيه لكان إرسالًا لغير الرحمة، لأنه تكليف بلا فائدة فخالف ظاهر العموم، ولو سلمنا انتفاء قولنا: لا بد للحكم من علة فالتعليل هو الغالب على أحكام الشرع وذلك لأن تعقل المعنى ومعرفة أنه مفض إلى مصلحة أقرب إلى الانقياد من التعبد المحض فيكون أفضى إلى غرض الحكيم، فالغلبة والحكمة قد تظاهرتا على حمل ما نحن فيه على كونه معللًا بمعنى معقول لأن إلحاق الفرد بالأعم الأغلب واختيار الحكيم الأفضى إلى مقصوده هو الغالب على الظن ثم يقال: وإذ قد بأن أن هذا الحكم معلل فقد ثبت ظهور العلة أى وقد حصل ظن العلية بما ذكرته من المسلك، ويقال فى المناسبة خاصة ولو سلم عدم العلية والحكمة المذكورتين فقد ثبت ظهور هذه العلة بالمناسبة لأنها بمجردها يغلب ظن العلية كما سيأتى ثم يقال فى الجميع أى فى المناسبة وغيرها وإذ قد ثبت ظهورها وحصل ظن عليتها فيجب اعتبارها والعمل بها للإجماع على وجوب العمل بالظن فى علل الأحكام.

قوله: (فالعلية والحكمة قد تظاهرتا) يعنى أن يكون التعليل هو الغالب على أحكام الشرع والاشتمال على الحكمة والمصلحة هو الأقرب إلى الانقياد قد تعاونا على حمل الحكم الذى يريد إثبات علة مناسبة له على كونه معللًا بمعنى يصلح

<<  <  ج: ص:  >  >>