للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال: (الرابع: المناسبة والإخالة وتسمى تخريج المناط وهو تعيين العلة بمجرد إبداء المناسبة من ذاته لا بنص ولا غيره كالإسكار فى التحريم والقتل العمد العدوان فى القصاص والمناسب وصف ظاهر منضبط يحصل عقلًا من ترتيب الحكم عليه ما يصلح أن يكون مقصودًا من حصول مصلحة أو دفع مفسدة فإن كان خفيًا أو غير منضبط اعتبر ملازمه، وهو المظنة لأن الغيب لا يعرف الغيب كالسفر للمشقة والفعل المقضى عليه عرفًا بالعمد فى العمدية، وقال أبو زيد المناسب ما لو عرض على العقول تلقته بالقبول).

أقول: المسلك الرابع للعلية: المناسبة وتسمى إخالة لأنه بالنظر إليه يقال أنه علة أى يظن، وتسمى تخريج المناط لأنه إبداء مناط الحكم، وحاصله تعيين العلة فى الأصل بمجرد إبداء المناسبة بينها وبين الحكم من ذات الأصل لا بنص ولا بغيره، كالإسكار للتحريم، فإن النظر فى المسكر وحكمه ووصفه يعلم منه كون الإسكار مناسبًا لشرع التحريم وكالقتل العمد العدوان فإنه بالنظر إلى ذاته مناسب لشرع القصاص، واعلم أن المناسب فى الاصطلاح وصف ظاهر منضبط يحصل عقلًا من ترتيب الحكم عليه ما يصلح أن يكون مقصودًا للعقلاء والمقصود إما حصول مصلحة أو دفع مفسدة والمصلحة اللذة ووسيلتها والمفسدة الألم ووسيلته، وكلاهما نفسى وبدنى ودنيوى وأخروى لأن العاقل إذا خير اختار المصلحة ودفع المفسدة وما هو كذلك فإنه يصلح مقصودًا قطعًا فإن كان الوصف الذى يحصل من ترتيب الحكم عليه المقصود خفيًا أو غير منضبط لم يعتبر لأنه لا يعلم فكيف يعلم به الحكم، وهذا معنى قوله: لأن الغيب لا يعرف الغيب فالطريق أن يعتبر وصف ظاهر منضبط يلازم ذلك الوصف فيوجد بوجوده ويعدم بعدمه، سواء كانت الملازمة عقلية أم لا فيجعل معرفًا للحكم، مثله المشقة فإنها مناسبة لترتيب الترخص عليها تحصيلًا لمقصود التخفيف ولا يمكن اعتبارها بنفسها لأنها غير منضبطة لأنها ذات مراتب تختلف بالأشخاص والأزمان ولا يناط الترخيص بالكل ولا يمتاز البعض بنفسه فنيط الترخيص بما يلازمه وهو السفر مثال آخر: القتل العمد العدوان مناسب لشرع القصاص لكن وصف العمدية خفى لأن القصد وعدمه أمر نفسى لا يدرك شئ منه فنيط القصاص بما يلازم العمدية من أفعال مخصوصة تقضى فى العرف عليها بكونها عمدًا كاستعمال الجارح فى القتل هذا،

<<  <  ج: ص:  >  >>