قال:(والمقاصد ضربان: ضرورى فى أصله وهى أعلى المراتب كالخمسة التى روعيت فى كل ملة: حفظ الدين والنفس والعقل والنسل والمال، كقتل الكفار والقصاص وحد المسكر وحد الزنا وحد المحارب والسارق، ومكمل للضرورى كحد قليل المسكر، وغير ضرورى حاجى كالبيع، والإجارة والقراض والمساقاة وبعضها آكد من بعض وقد يكون ضروريًا كالإجارة فى تربية الطفل وشراء المطعوم والملبوس له ولغيره ومكمل له كرعاية الكفاءة ومهر المثل فى الصغيرة فإنه أفضى إلى دوام النكاح، وغير حاجى ولكنه تحسينى كسلب العبد أهلية الشهادة لنقصه عن المناصب الشريفة جريًا على ما ألف من محاسن العادات).
أقول: هذا ثانى تقسيمى المناسب وهو بحسب المقاصد منه والمقاصد التى يشرع لها الأحكام ضربان ضرورى وغير ضرورى.
الضرب الأول: الضرورى:
وهو قسمان: ضرورى فى أصله، ومكمل للضرورى.
القسم الأول: الضرورى فى أصله: وهو أعلى المراتب فى إفادة ظن الاعتبار كالخمسة الضرورية التى روعيت فى كل ملة، وهى: حفظ الدين والنفس والعقل والنسل والمال، فالدين بقتل الكفار، والنفس بالقصاص، والعقل بحد المسكر، والنسل بحد الزنا، والمال بحد السارق، والمحارب، أى قاطع الطريق نظرًا إلى قوله تعالى فيهم:{الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ}[المائدة: ٣٣].
القسم الثانى: المكمل للضرورى: وذلك كحد قليل السكر وهو لا يزيل العقل، وحفظ العقل حاصل بتحريم السكر، فإنما حرم القليل للتتميم والتكميل لأن قليله يدعو إلى كثيره بما يورث النفس من الطرب المطلوب زيادته بزيادة سببه إلى أن يسكر ومن حام حول الحمى أوشك أن يقع فيه.
الضرب الثانى: غير الضرورى:
وهو ينقسم إلى: حاجى وغير حاجى.
القسم الأول: الحاجى: وهو أيضًا ينقسم إلى قسمين: حاجى فى نفسه ومكمل للحاجى، مثال الحاجى فى نفسه: البيع والإجارة والقراض والمساقاة، فإن المعاوضة وإن ظنت أنها ضرورية فكل واحد من هذه العقود ليس بحيث لو لم يشرع لأدى إلى فوات شئ من الضروريات الخمس، واعلم أن هذه ليست فى