قال:(مسألة: المختار انخرام المناسبة بمفسدة تلزم راجحة أو مساوية، لنا أن العقل قاض بأن لا مصلحة مع مفسدة مثلها، قالوا: الصلاة فى الدار المغصوبة يلزم مصلحة ومفسدة تساويها، أو تزيد وقد صحت، قلنا: مفسدة الغصب ليست عن الصلاة وبالعكس، ولو نشأ معًا عن الصلاة لم تصح والترجيح يختلف باختلاف المسائل، ويرجح بطريق إجمالى وهو أنه لو لم يقدر رجحان المصلحة لزم التعبد بالحكم).
أقول: قد اختلف فى الحكم إذا ثبت لوصف مصلحى على وجه يلزم منه وجود مفسدة مساوية لمصلحة أو راجحة عليها هل تنخرم المناسبة أم لا؟ والمختار انخرامها، لنا أن العقل قاضى بأنه لا مصلحة مع مفسدة تساويها أو تزيد عليها، ومن قال لعاقل: بع هذا بربح مثل ما تخسر أو أقل منه لم يقبل وعلل بأنه لا ربح حينئذٍ ولو فعل لعد خارجًا عن تصرفات العقلاء.
قالوا: الصلاة فى الدار المغصوبة تقتضى صحتها مصلحة فيها وتحريمها مفسدة فيها والمصلحة لا تزيد على المفسدة وإلا لما حرمت فيجب كون المفسدة تساويها أو تزيد عليها فلو انخرمت المناسبة بذلك لا صحت الصلاة، وقد صحت.
الجواب: الكلام فى مصلحة ومفسدة لشئ واحد ومفسدة الغصب لم تنشأ من الصلاة فإنه لو شغل المكان من غير أن يصلى لأثم وكذلك مصلحة الصلاة لم تنشأ من الغصب فإنه لو أدى فى غير المغصوب لصحت، والدليل على أنهما لم ينشآ معًا من شئ واحد أنا لو فرضناهما ناشئين من نفس الصلاة لوجب أن لا تصح قطعًا كما فى صوم يوم العيد وذلك لتعارض الداعى إلى الأمر بها والصارف عنه مع المساواة أو رجحان الصارف والأمر عند ذلك محال انخرمت المناسبة أم لا إذ لا نزاع فى بطلان حكمها وإذ قد عرفت أن لا بد من رجحان المصلحة على المفسدة عند تعارضهما فللترجيح طرق فمنها تفصيلية تختلف باختلاف المسائل وتنشأ من خصوصياتها، ومنها طريق إجمالى شامل لجميع المسائل، وهو أنه لو لم يقدر رجحان المصلحة على المفسدة فى محل النزاع لزم أن يكون الحكم قد ثبت فيه لا لمصلحة وهو التعبد وقد أبطلناه.
قوله:(قد اختلف) فإن قيل كيف وقع الاتفاق على الاعتبارين عند رجحان