الاختلاف فى إفادته العلية إذ لا خفاء فى أن الوصف إذا كان صالحًا للعلية وقد يترتب الحكم عليه وجودًا وعدمًا حصل ظن العلية بخلاف ما إذا لم يظهر له مناسبة كالرائحة للتحريم.
قوله:(إذا خلا) يعنى أن كون الوصف متصفًا بمجرد الطرد والعكس إنما يكون عند خلوه عن السبر وعن كون الأصل عدم الغير وعن غير ذلك من مسالك العلة مثل المناسب والشبه والنص والإجماع فقوله وهو أخذ غيره معه إعادة لتفسير السبر لترتب عليه تحقيق المغايرة بينه وبين كون الأصل عدم الغير يعنى أن فى السبر يوجد مع الوصف غيره ثم ينفي ويبطل ذلك الغير وفى كون الأصل عدم الغير لا يلتفت مع الوصف إلى غير أى إلى وصف آخر ينفى ويبطل عليته بل يكتفى بأنه قد وجد هذا الوصف وعدم غيره بحكم الأصل.
قوله:(أو غير ذلك) عطف على السبر أو على أن الأصل عدم غيره والأظهر عطفهما جميعًا إما بالواو لأن الشرط هو الخلو عن الجميع وإما بأو كما فى المتن لأن الخلو فى معنى النفى فيفيد العموم ومن الغريب ما يقال إن قوله من غير الالتفات بيان لما تقدَّم قصدًا إلى التعميم يعنى أن كونه مجردًا غير مختص بالمذكورين بل معناه أنه إذا خلا عن الالتفات إلى غير ذلك الوصف سواء كان ذلك الغير منفيًا كما فى الاستعانة بالسبر أو غير منفى كما فى الاستعانة بالمناسبة.
قوله:(اللهم إلا بالالتفات) فإن قيل قد سبق أن الالتفات إلى الغير إنما هو فى السبر دون الأصل أعنى كون الأصل عدم الغير قلنا المنفى فى الأصل هو الأصل هو الالتفات مع الوصف إلى غير هو منفى أعنى إلى وصف آخر ينفى ويبطل لا الالتفات إلى نفى الغير على الإطلاق وتحقيقه أن الأصل والسبر يشتركان فى نفى الغير إلا أنه فى السبر يلتفت إلى الغير بخصوصه فينفى ولا كذلك الأصل.
قوله:(فيخرج عن المبحث) مشكل بالشبه حيث أثبت بمسالك العلة ولم يخرج عن المبحث وعن إفادته العلية.
قوله:(سلمنا) يعنى قررنا وإلا فالمنع والتسليم وظيفة المعترض دون المستدل والذى تقتضيه عبارة الغزالى أن تكون عبارة المتن ولو سلم بالتخفيف من السلامة لأنه قال وإن سلم عن كل مفسد أيضًا لم يدل على الصحة إذ لا يكفى للصحة انتفاء المفسد بل لا بد من قيام دليل على الصحة فإن قيل دليل صحته انتفاء المفسد