وهذا لا ينافى وجوب التعبد به عنده عقلًا إذ الشئ يجب أولًا ثم يقع.
قوله:(لنا أنه ثبت) تمسك أولًا بدليل قاطع يدل على ثبوته الإجماع القاطع وثانيًا بنفس الإجماع ولما كان إجماعًا سكوتيًا وهو ظنى لا قطعى دفعه بأن مثل هذا السكوتى قطعى لا ظنى لقضاء العادة قطعًا بأن المسكوت على مثل هذا الأصل الكلى الدائمى لا يكون إلا عن وفاق فإن قيل الوجهان إنما يفيدان القطع بوقوع العمل بالقياس والمطلوب القطع بوجوب العمل به لما سبق من أن معنى التعبد بالقياس إيجاب الشارع العمل بموجبه قلنا لما ثبت القطع بأن القياس حجة ثبت المطلوب لأن العمل بما حصل القطع بحجيته واجب قطعًا.
قوله:(قال الآمدى) كان الشارح يستضعف هذا الكلام ويرى أنهم قاسوا الزكاة على الصلاة لما ثبت عندهم من أن الاجتماع والاجتراء على تركها موجب حل القتال.
قوله:(الدليل فاسد الوضع) لأنه على تقدير صحته يفيد نقيض المطلوب أعنى الظن دون القطع لأن ما ذكر أخبار آحاد وهى ظنية ولو سلم صحة وضعها بأن تكون الأخبار متواترة فلا نسلم الدلالة وتأنيث الضمير فى وضعها بالنظر إلى أن الدليل وهو الإخبار.
قوله:(لعلهم أنكروا باطنًا) فإن قيل فتكون العبارة بالقلب دون اللسان فلا يبقى الإجماع القطعى أيضًا قاطعًا قلنا لا خفاء فى أن المعتبر عمل القلب لكن عمل اللسان دليل عليه بلا نزاع فيكون مناطًا للحكم بخلاف المسكوت عن الإنكار فإن كونه دليل الموافقة محل النزاع.
قوله:(قد نقل ذم الرأى عن عثمان وعلى رضى اللَّه عنهما) قالا: لو كان الدين بالقياس لكان باطن الخف أولى بالمسح من ظاهره وعن ابن عمر رضى اللَّه عنهما أنه قال: السنة ما سنه الرسول عليه السلام، لا تجعلوا الرأى سنة للمسلمين وعن ابن مسعود رضى اللَّه عنه أنه قال: إذا قلتم فى دينكم بالقياس أحللتم كثيرًا مما حرمه اللَّه وحرمتم كثيرًا مما أحل اللَّه وأيضًا عن أبى بكر رضى اللَّه عنه لما سئل عن الكلالة قال: أى سماء تظلنى وأى أرض تقلنى إذا قلت فى كتاب اللَّه برأيى. وعن عمر أنه قال: إياكم وأصحاب الرأى فإنهم أعداء السنن أعيتهم الأحاديث أن يحفظوها وقالوا بالرأى فضلوا وأضلوا.