قال:(مسألة: لا يصح القياس فى الأسباب لنا أنه مرسل لأن الفرض تغاير الوصفين فلا أصل لوصف الفرع وأيضًا علة الأصل منتفية عن الفرع فلا جمع، وأيضًا إن كان الجامع بين وصفين حكمة على القول بصحتها أو ضابطًا لها اتحد السبب والحكم وإن لم يكن جامع ففاسد. قالوا: ثبت المثقل على المحدد واللواط على الزنا، قلنا: ليس محل النزاع لأنه سبب واحد ثبت لهما بعلة واحدة وهو القتل العمد العدوان وإيلاج فرج فى فرج).
أقول: هل يجرى القياس فى الأسباب بأن يجعل الشارع وصفًا سببًا لحكم فيقاس عليه وصف آخر فيحكم بكونه سببًا قد اختلف فيه فأكثر أصحاب الشافعى على جوازه ومنعه القاضى أبو زيد الدبوسى وأصحاب أبى حنيفة. وهو المختار لنا أنه مناسب مرسل فلا يعتبر.
أما الأول: فلأن حاصله أنه يجعل سببًا للحكم لتحصيل الحكمة المقصودة فى الفرع كما ثبت فى الأصل ولا يشهد له أصل بالاعتبار أى لم يثبت محل فيه يتحقق سببية هذا الوصف معللًا باشتماله على الحكمة لأنا إنما نثبته باعتبار الشارع وصفًا آخر مغايرًا له لتحصيل الحكمة إذ المفروض تغاير الوصفين ولا معنى للمناسب المرسل إلا ذلك.
وأما الثانى: فلما علمت من أنه لا يعتبر اتفاقًا أو مع خلاف فيه لما مر من الدليل ولنا أيضًا أن علة سببية المقيس عليه وهى قدر من الحكمة يتضمنها الوصف الأول منتفية فى المقيس وهو الوصف الآخر أى لم يعلم ثبوتها فيه لعدم انضباط الحكمة وتغاير الوصفين فيجوز اختلاف قدر الحكمة الحاصلة بهما، وإذا كان كذلك امتنع الجمع بينهما فى الحكم وهو السببية لأن معنى القياس الاشتراك فى العلة وبه يمكن التشريك فى الحكم ولنا أيضًا أن الحكمة المشتركة إما أن تكون ظاهرة منضبطة، وقلنا بأنه يمكن جعلها مناطًا للحكم إذ فيه خلاف أو لا تكون فإن كان فقد استغنى عن الالتفات إلى الوصفين وصار القياس فى الحكم المرتب على الحكمة وهى الجامع بينهما فاتحد الحكم والسبب، وهو خلاف المفروض، وإن لم يكن بأن لا تكون ظاهرة منضبطة أو يقال لا يمكن جعلها مناطًا للحكم فإما أن تكون لها مظنة أى وصف ظاهر منضبط تضبط هى بها أو لا فإن كان صار القياس فى الحكم المرتب على ذلك الوصف واتحد الحكم والسبب أيضًا وإن لم