للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: (مسألة: لا يجرى القياس فى جميع الأحكام، لنا ثبت ما لا يعقل معناه كالدية والقياس فرع المعنى، وأيضًا قد تبين امتناعه فى الأسباب والشروط، قالوا: متماثلة فيجب تساويها فى الجائز، قلنا قد يمتنع أو يجوز فى بعض النوع لأمر بخلاف المشترك بينهما).

أقول: قد اختلف فى جريان القياس فى جميع الأحكام الشرعية، فإثباته شذوذ والمختار نفيه، لنا أنه ثبت فى الأحكام ما لا يعقل معناه كضرب الدية على العاقلة وإجراء القياس فى مثله متعذر لما علم أن القياس فرع تعقل المعنى المعلل به الحكم فى الأصل، قال فى المحصول: النزاع فى أنه هل فى الشرع جمل من الأحكام لا يجرى فيها القياس أو ينظر فى كل مسألة مسألة، هل يجرى فيها القياس، أم لا؟ ولو كان المراد ذلك لم ينفه هذا الدليل والظاهر أنه المراد فإن ما نفاه مما ينبغى أن لا يختلف فيه اثنان، ولنا أيضًا أنه قد تبين امتناع القياس فى الأسباب والشروط، وقد علمت أن كون الشئ سببًا وشرطًا من الأحكام الشرعية، فهذه جملة من أحكام الشرع لا يجرى فيها القياس.

قالوا: الأحكام الشرعية متماثلة إذ يشملها حد واحد وهو حد الحكم الشرعى والمتماثلات يجب اشتراكها فيما يجوز عليها لأن حكم الشئ حكم مثله وقد جاز جريان القياس على بعضها فليجر على الكل.

الجواب: أن هذا القدر لا يوجب التماثل وهو الاشتراك فى الجنس فإن الأجناس المتخالفة قد تندرج تحت نوع واحد فيعمها حد واحد وهو حد ذلك النوع ولا يلزم من ذلك تماثلها بل تشترك فى النوع ويمتاز كل جنس بأمر يميزه وحينئذ فما كان يلحاقها باعتبار القدر المشترك بين الجواز والامتناع يكون عامًا وأما ما يلحقه باعتبار ذلك الأمر المخصص فلا واعلم أن اصطلاح الأصوليين فى الجنس والنوع يخالف اصطلاح المنطقيين فالمندرج جنس والآخر نوع وعند المنطقى بالعكس وهذا التقرير على الاصطلاح الأصولى وهو طبق فى المعنى لما قاله فى المنتهى يجوز لبعض الأنواع، ما يمتنع لبعضها وإن جرى على الاصطلاح المنطقى فيه ولو جريت ههنا على الاصطلاح المنطقى كان معناه أنه قد تختلف الأمثال بخصوصيات صنفية أو شخصية يجوز على بعضها ما يمتنع على الأخرى، وذلك أيضًا صحيح، واللَّه أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>