للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال: (الاستفسار وهو طلب معنى اللفظ لإجمال أو غرابة، وبيانه على المعترض بصحته على متعدد ولا يكلف بيان التساوى لعسره ولو قال التفاوت يستدعى ترجيحًا بأمر والأصل عدمه لكان جيدًا، وجوابه بظهوره فى مقصوده بالنقل أو بالعرف أو بقرائن معه أو بتفسيره وإذا قال يلزم ظهوره فى أحدهما دفعًا للإجمال، أو قال يلزم ظهوره فيما قصدت لأنه غير ظاهر فى الآخر اتفاقًا فقد صوبه بعضهم وأما تفسيره بما لا يحتمل لغة فمن جنس اللعب).

أقول: الاستفسار طلب الفسر وهو طلب بيان معنى اللفظ وإنما يسمع إذا كان فى ذلك اللفظ إجمال أو غرابة وإلا فهو تعنت مفوت لفائدة المناظرة إذ يأتى فى كل لفظ يفسر به لفظ ويتسلسل ولذلك قال القاضى ما يمكن فيه الاستبهام حسن فيه الاستفهام وبيان كونه مجملًا على المعترض إذ الأصل عدمه فإن وضع الألفاظ للبيان والإجمال فيه قليل جدًا وإنما البينة على مدعى خلاف الأصل ويكفى المستدل أنه خلاف الأصل بيانه بأن يبين صحة إطلاق اللفظ على معنيين أو أكثر ولا يكلف بيان التساوى وإن كان الإجمال لا يحصل إلا به وهو قد ادعى الإجمال، فكان يجب أن يلزمه الوفاء به لكنه اغتفر ذلك لعسره ولو كلف ذلك لسقط الاستفسار وبقى الكلام غير مفهوم ولم يحصل مقصود المناظرة وأيضًا فإنه يخبر عن نفسه فيكفيه ما يدفع به ظن التعنت فى حقه ويصدق بعدالته السالمة عن المعارض، مثاله إذا قال بان به البطلان فيكون باطلًا فيقال ما معنى بان فإنه يقال بمعنى ظهر وانفصل، وإذا قال فى المكره مختار للقتل، فيقتص منه كالمكره، فيقال ما تعنى بالمختار فإنه يقال للفاعل القادر وللفاعل الراغب، فهذا فى دعوى الإجمال، وأما الغرابة فلا تخفى ولذلك لم يتعرض له ومثاله فى الكلب المعلم يأكل من صيده أيل لم يرض فلا تحل فريسته كالسيد فيقال ما الأيل وما معنى لم يرض وما الفريسة وما السيد، واعلم أن المعترض مع أنه لا يكلف بيان التساوى فلو التزمه تبرعًا وقال وهما متساويان لأن التفاوت يستدعى ترجيحًا بأمر والأصل عدم المرجح لكان جيدًا وفاء بما التزمه أولًا.

والجواب عن الاستفسار ببيان ظهوره فى مقصوده فلا إجمال ولا غرابة وذلك إما بالنقل عن أهل اللغة وإما بالعرف العام أو الخاص أو بالقرائن المضمومة معه، وإن عجز عن ذلك كله فالتفسير مثال ذلك فى الإجمال أن يستدل بقوله: {حَتَّى

<<  <  ج: ص:  >  >>