المستدل أن يبين أن نصه مساوٍ فى القوة لنص المعترض، قلت: لا لأن ذلك متعذر لأنه لا يمكن إلا بنفى جميع وجوه الترجيح وأنى له ذلك.
سادسها: أن يبين أن قياسه مما يجب ترجيحه على النص إما لأنه أخص من النص فيقدم لما مر فى تخصيص النص بالقياس وإما لأنه مما ثبت حكم أصله بنص أقوى مع القطع بوجود العلة فى الفرع، ومثله يقدم على النص لما مر، واعلم أنا لا نريد أن كل نص يمكن فيه هذه الأسئلة بل قد يمكن بعضها فيجيب بما يتأتى منها وقد لا يمكن شئ منها فيكون الدبرة على المستدل، مثال ذلك: أن يقول فى ذبح تارك التسمية ذبح من أهله فى محله فيوجب الحل كذبح ناسى التسمية فيقول المعترض هذا فاسد الاعتبار لأنه بخلاف قوله تعالى: {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ}[الأنعام: ١٢١]، فيقول المستدل: هذا مؤول بذبح عبدة الأوثان بدليل قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "اسم اللَّه على قلب المؤمن سمى أو لم يسم"، أو يقول هذا القياس راجح على ما ذكرت من النص لأنه قياس على الناسى المخصص عن هذا النص بالإجماع لما ذكرنا من العلة وهى موجودة فى الفرع قطعًا، فإن قلت: إذا قال المستدل ذلك فهل للمعترض أن يبدى بين التارك والناسى فرقًا دفعًا لكون القياس مما يقدم فيقول التارك بصدد ذكر اللَّه قصد الترك مقصرًا بخلاف الناسى، فإنه معذور؟ قلت: ليس له ذلك؛ لأنه من المعارضة لا من فساد الاعتبار وهو سؤال آخر فيلزمه فسادان الانتقال والاعتراف بصحة اعتباره لأن المعارضة بعد ذلك.
قوله:(فساد الاعتبار) سمى بذلك لأن اعتبار القياس فى مقابلة النص فاسد وإن كان وضعه وتركيبه صحيحًا لكونه على الهيئة الصالحة لاعتباره فى ترتيب الحكم عليه.
قوله:(أو موقوف) وهو ما وقف على بعض الرواة ولم يرفع إلى النبى عليه السلام والمقطوع ما ترك فى عنعنة رواته أحد الوسائط.
قوله:(يعارضهما النص الواحد) قد سبق أن الأدلة المتعارضة إذا كانت من جنس واحد فقيام دليل آخر من جنسها على وفق البعض لا يرجحه كما إذا كان من جانب شاهدان ومن جانب أربعة شهود، هذا ما يقال لا ترجيح بالكثرة، وأما عند اختلاف الجنس فيترجح لاتفاق من الصحابة على ذلك حيث كانوا يرجعون