للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: (الرابع: منع حكم الأصل والصحيح ليس قطعًا للمستدل بمجرده لأنه كمنع مقدمة كمنع العلية فى العلة ووجودها فيثبتها باتفاق وقيل ينقطع لانتقاله واختار الغزالى اتباع عرف المكان وقال الشيرازى لا يسمع فلا يلزمه دلالة عليه، وهو بعيد إذ لا تقوم الحجة على خصمه مع منع أصله، والمختار لا ينقطع المعترض بمجرد الدلالة بل له أن يعترض إذ لا يلزم من صورة دليل صحته، قالوا: خارج عن المقصود الأصلى، قلنا ليس بخارج).

أقول: ومن الأسئلة منع ثبوت الحكم فى الأصل مطلقًا مثاله أن يقول المستدل جلد الخنزير لا يقبل الدباغ للنجاسة الغليظة كالكلب فيقول لا نسلم أن جلد الكلب لا يقبل الدباغ أو لم قلت: إنه لا يقبل الدباغ إذ حاصل المنع والمطالبة بالدليل واحد فإذا منع المعترض حكم الأصل فقد اختلف فى أنه هل يكون بمجرده قطعًا للمستدل فمنهم من قال: إنه قطع ولا يمكن من إثباته بالدليل لأنه انتقال إلى حكم آخر شرعى الكلام فيه بقدر الكلام فى الأول سواء فقد حيل بينه وبين مرامه وشغل عنه بغيره فقد ظفر المعترض بما رام فإن ذلك غاية مراسه والصحيح أنه لا ينقطع بمجرده وإنما ينقطع إذا ظهر عجزه عن إثباته بالدليل وإنما لم يكن قطعًا لأنه لا ينقم منه إلا أنه انتقال وإنما يقبح إلى غير ما به يتم مطلوبه وههنا ليس كذلك بل هو إثبات مقدمة من مقدمات مطلوبه قد منعت وذلك ليس بانتقال مذموم كما لو منع علية العلة أو وجودها فى الأصل أو فى الفرع فإنه يصح منه أن يثبتها ولا يعد المنع قطعًا له وليت شعرى أى فرق بين مقدمة ومقدمة وركن وركن وأما كونه حكمًا شرعيًا كالأول ومن تكلم فى مسألة الخنزير ثم أخذ يتكلم فى مسألة الكلب عد منتقلًا بخلاف من تكلم فى مسألة الخنزير ثم تكلم فى أحواله وصفاته فلا يظهر له أثر عند التأمل، ولا يخفى ما فيه من الضعف، نعم لو اصطلح عليه نظرًا إلى ذلك لم يبعد ولذلك قال الغزالى يتبع فى ذلك عرف المكان واصطلاح أهل بلدة المناظرة فإن عدوه قطعًا فقطع، وإلا فلا لأنه أمر وضعى لا مدخل فيه للشرع والعقل، وقال الشيخ أبو إسحاق الشيرازى: لا يسمع هذا المنع من المعترض فلا يلزم المستدل الدلالة على ثبوت حكم الأصل وقد استبعده المصنِّفُ لأن غرض المستدل إقامة الحجة على خصمه ولا تقوم الحجة على خصمه مع كون أصله ممنوعًا، ولم يقم عليه دليلا لأنه جزء الدليل ولا يثبت

<<  <  ج: ص:  >  >>