قال:(الخامس: التقسيم: وهو كون اللفظ مترددًا بين أمرين أحدهما ممنوع والمختار وروده مثاله فى الصحيح الحاضر وجد السبب بتعذر الماء فساغ التيمم فيقول السبب تعذر الماء أو تعذر الماء فى السفر أو المرض الأول ممنوع وحاصله منع يأتى ولكنه بعد تقسيم وأما نحو قولهم فى الملتجئ إلى الحرم وجد سبب استيفاء القصاص فيجب متى منع مانع الالتجاء إلى الحرم أو عدمه فحاصله طلب نفى المانع ولا يلزم).
أقول: هذا السؤال يسمى تقسيمًا وحقيقته أن يكون اللفظ مترددًا بين أمرين أحدهما ممنوع فيمنعه إما مع المسكوت عن الآخر لأنه لا يضره أو مع التعرض لتسليمه أو لأنه لا يضره وهذا السؤال لا يختص بحكم الأصل بل كما يجرى فيه يجرى فى جميع المقدمات التى تقبل المنع وقد منع قوم من قبول هذا السؤال لأن إبطال أحد محتملى كلام المستدل لا يكون إبطالًا له إذ لعله غير مراده والمختار قبوله إذ به يتعين مراده وربما لا يمكنه تتميم الدليل به وله مدخل فى هدم الدليل والتضييق على المستدل وللقبول شرط وهو أن يكون منعًا لما يلزم المستدل بيانه مثاله فى الصحيح الحاضر إذا فقد الماء وجد سبب وجود التيمم وهو تعذر الماء فيجوز التيمم فيقول المعترض ما المراد بتعذر الماء شئت أن تعذر الماء مطلقًا سبب أو أن تعذر الماء فى السفر أو المرض سبب الأول ممنوع وحاصله أنه منع بعد تقسيم فيأتى فيه ما تقدَّم فى صريح المنع من الأبحاث من كونه مقبولًا وقطعًا وكيفية الجواب عنه.
مثال آخر: أن يقول: فى مسألة الملتجئ إلى الحرم القتل العمد العدوان سبب للقصاص فيقول المعترض متى هو سبب أمع مانع الالتجاء إلى الحرم أو دونه الأول ممنوع، وإنما لم يقبل لأن حاصله أن الالتجاء إلى الحرم مانع من القصاص فكان مطالبة ببيان عدم كونه مانعًا والمستدل لا يلزمه بيان عدم المانع فإن الدليل ما لو جرد النظر إليه أفاد الظن، إنما بيان كونه مانعًا على المعترض ويكفى المستدل أن الأصل عدم المانع.
النوع الرابع من الاعتراضات: ما يرد على الثانية من مقدمات القياس وهو قوله: والحكم فى الأصل معلل بوصف كذا والقدح إما فى وجوده وإما فى عليته، والثانى: إما نفى العلية صريحًا أو نفى لازمها، والأول: إما منع مجرد أو