قال:(التاسع: القدح فى المناسبة بما يلزم من مفسدة راجحة أو مساوية وجوابه بالترجيح تفصيلًا أو إجمالًا كما سبق).
أقول: هذا أول الاعتراضات الأربعة المخصوصة بالمناسبة ويخص باسم القدح فى المناسبة وهو إبداء مفسدة راجحة أو مساوية لما مر أن المناسبة تنخرم بالمعارضة.
والجواب بترجيح المصلحة على المفسدة تفصيلًا أو إجمالًا، أما تفصيلًا فبخصوص المسألة بأن هذا ضرورى وذلك حاجى أو بأن إفضاء هذا قطعى أو أكثرى وذاك ظنى أو أقلى أو أن هذا اعتبر نرعه فى نوع الحكم وذاك اعتبر نوعه فى جنس الحكم إلى غير ذلك مما تنبهت له وأما إجمالًا فبلزوم التعبد ولولا اعتبار المصلحة وقد أبطلناه.
مثاله: أن يقول فى الفسخ فى المجلس وجد سبب الفسخ فيوجد الفسخ وذلك دفع ضرر المحتاج إليه من المتعاقدين فيقال معارض بضرر الآخر فيقول الآخر يجلب نفعًا، وهذا يدفع ضررًا ودفع الضرر أهم للعقلاء ولذلك يدفع كل ضر ولا يجلب كل نفع.
مثال آخر: إذا قلنا التخلى للعبادة أفضل لما فيه من تزكية النفس، فيقال لكنه يفوت أضعاف تلك المصلحة منها إيجاد الولد وكف النظر وكسر الشهوة، وهذه أرجح من مصالح العبادة فيقول بل مصلحة العبادة أرجح لأنها لحفظ الدين وما ذكرتم لحفظ النسل.
قوله:(هذا أول الاعتراضات) قد عرفت أن وجود المعارض للمصلحة هو القدح فى المناسبة وقد جعله عند الضبط الإجمالى ثانى اعتراضات المناسبة لكنه فى المتن أوّلها.
قوله:(لما مر) فى مسلك المناسبة أن المختار انخرام المناسبة لمفسدة تلزم راجحة أو مساوية.
قوله:(إلى غير ذلك) مثل أن هذا اعتبر نوعه فى جنسه وذاك جنسه فى جنسه وأن هذا الضرورى دينى وذاك مالى.
قوله:(وقد أبطلناه) أى التعبد حيث ذكرنا أن الأحكام مشتملة على المصالح إما تفضلًا وإما وجوبًا.