قال:(الثالث عشر: النقض كما تقدَّم وفى تمكين المعترض من الدلالة على وجود العلة إذا منع ثالثها يمكن ما لم يكن حكمًا شرعيًا، رابعها ما لم يكن طريق أولى بالقدح. قالوا: لو دل المستدل على وجود العلة بدليل موجود فى محل النقض فنقض المعترض ثم منع وجوهًا فقال المعترض ينتقض دليلك لم يسمع لأنه انتقل من نقض العلة إلى نقض دليلها وفيه نظر أما لو قال يلزمك إما انتقاض علتك أو انتقاض دليلها كان متجهًا ولو منع المستدل تخلف الحكم ففى تمكين المعترض من الدلالة، ثالثها يمكن ما لم يكن طريق أولى).
أقول: النقض كما علمت عبارة عن ثبوت الوصف فى صورة مع عدم الحكم فيها ويمكن فى جوابه منع كل واحد منهما فليجعل البحث فيه قسمين:
القسم الأول: فيما يمنع المستدل وجود الوصف فى صورة النقض وهو وارد بالاتفاق، وفيه بحثان:
الأول: هل للمعترض أن يدل على وجوده حينئذٍ أو ابتداء؟ قيل: نعم إذ به يتم إبطال دليل الخصم وقيل لا فإنه انتفال من الاعتراض إلى الاستدلال وقيل إن كان حكمًا شرعيًا فلا لأن الاشتغال بإثبات حكم شرعى هو الانتقال بالحقيقة وهو غير جائز وإلا فنعم، لظهور أمر تتميمه لدليله وقيل لا ما دام له طريق فى القدح أولى من النقض وأما إذا لم يكن له طريق أولى به فجائز وذلك لأن غصب المنصب والانتقال إنما ينفيان استحسانًا فإذا وجد الأحسن لم يرتكبهما وإلا فالضرورة تجوزهما.
البحث الثانى: إذا كان المستدل قد ذكر على وجود العلة فى الأصل دليلًا موجودًا فى محل النقض ونقض المعترض العلة فقال المستدل لا نسلم وجودها فقال المعترض فينتقض دليلك لوجوده فى محل النقض بدون مدلوله وهو وجود العلة فقد قال الجدليون لا يسمع هذا من المعترض لأنه انتقل من نقض العلة إلى نقض دليلها، قال المصنِّفُ وفيه نظر ولعل ذلك أن القدح فى دليل العلة قدح فى العلة وهو مطلوبه فلا يقال هذا إذا ادعى انتقاض دليل العلة معينًا ولو ادعى أحد الأمرين، فقال يلزم إما انتقاض العلة وإما انتقاض دليلها، وكيف كان لا يثبت العلية كان مسموعًا بالاتفاق فإن عدم الانتقال فيه ظاهر.
القسم الثانى: فيما يمنع المستدل عدم الحكم فى صورة النقض وهو وارد اتفاقًا