قال:(وجوابه ببيان معارض اقتضى نقيض الحكم أو خلافه لمصلحة كالعرايا وضرب الدية أو لدفع مفسدة آكد كحل الميتة للمضطر فإن كان التعليل بظاهر عام حكم بتخصيصه وتقدير المانع كما تقدَّم).
أقول: لما فرغ من بحث النقض بجزءيه بين وجه الجواب عنه وهو بإبداء المانع، أعني بيان وجود معارض فى محل النقض اقتضى نقيض الحكم كنفى الوجوب للوجوب أو خلافه كالحرمة للوجوب وذلك إما لتحصيل مصلحة أو دفع مفسدة، أما تحصيل المصلحة فكما فى العرايا إذا أوردت على الربويات لعموم الحاجة إلى الرطب والتمر وقد لا يكون عندهم ثمن آخر وكضرب الدية على العاقلة إذا أورد على الزجر بشرع الدية لمصلحة أولياء المقتول مع عدم تحميل القاتل ما لم يقصد به القتل وكون أوليائه يغنمون بكونه مقتولًا فليغرموا بكونه قاتلًا، ولذلك قال -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ما لك غنمه فعليك غرمه" وأما دفع المفسدة فكما علل حرمة الميتة بقذارته فإذا أورد المضطر قيل ذلك لدفع مفسدة هلاك النفس وهو أعظم من كل المستقذر هذا كله إذا لم تكن العلة منصوصة بظاهر عام وأما إن كانت كذلك فلا يجب إبداء المانع بعينه بل يحكم بتخصيصه بغير محل النقض ويقدر المانع بجذب مصلحة أو دفع مفسدة، فيكون تخصيصًا للعموم لا للعلة، فإنه أهون وقد تقدَّم ما فيه كفاية.
قوله:(لما فرغ) يشير إلى أن المراد بجواب النقض الجواب عنه بعدم تحققه حتى أن منع أحد جزأيه لا يكون جوابًا عنه بل دفعًا لتحققه.
قوله:(وذلك) أى اقتضاء المعارض نقيض الحكم أو خلافه قد يكون لتحصيل مصلحة أولى ودفع مفسدة أوكد وبهذا يظهر أن فى عبارة المتن اقتصارًا بحذف المعطوف عليه ونقض العرايا من قبيل نقض الحكم باعتبار وجوب التساوى وعدمه أو حرمة التفاضل وعدمها وأما وجوب الدية على العاقلة فيحتمل أن يجعل من قبيل اقتضاء خلاف الحكم لظهور أن وجوب دية مخففة على العاقلة حكم مخالف لوجوب دية مغلظة على العاقلة فقوله لعموم الخاصة متعلق بقوله كما فى العرايا وقوله لمصلحة أولياء المقتول متعلق بقوله كضرب الدية إشارة إلى تحصيل المصلحة وأن نفس ضرب الدية لمصلحة أولياء المقتول وكونها ليست على القاتل لعدم قصده وكونها على أوليائه لكون الغرم بالغنم وصورة المضطر من قبيل خلاف الحكم لأن