قال:(الرابع عشر: الكسر وهو نقض المعنى والكلام فيه كالنقض).
أقول: الكسر وهو نقض المعنى وحاصله وجود المعنى فى صورة مع عدم الحكم فيه وقد علمت هل يسمع ومتى يسمع فحيث يسمع فهو كالنقض والكلام فيه كالكلام فيه من الأجوبة الثلاثة والكلام عليها سؤالًا وجوابًا، واختلافًا واختيارًا فلا يتكرر.
ومثاله: ما مر من الترخص للسفر لحكمة المشقة فيكسر بالحمال، واعلم أن منع وجود العلة ههنا أظهر منه فى النقض لما مر أن قدر الحكمة يتفاوت فقد لا يحصل ما هو مناط الحكم منه فى الأصل فى الفرع ومنع بقاء الحكم ههنا قد يدفع بوجه آخر وهو أنه لم لا يجوز أن يثبت حكم هو أولى بالحكمة، وقد سبقت الإشارة إلى ذلك كله فى موضعه.
قوله:(وهو نقض المعنى) أى وجود الحكمة المقصودة من الوصف مع عدم الحكم وقد علمت فى بحث شروط العلة أن المختار أنه لا تبطل العلية فلا تسمع إلا إذا علم وجود قدر الحكمة أو أكثر ولم يثبت حكم آخر أليق بتحصيل الحكم منه وحينئذٍ هو كالنقض فيجاب أولًا بمنع وجود المعنى وثانيًا بمنع عدم الحكم كيلا يتحقق وإذا تحقق يجاب بإبداء المانع وحينئذٍ فهل للمعترض أن يدل على وجود المعنى فيه أربعة مذاهب وعلى وجود الحكم فيه ثلاثة مذاهب وهل يجب الاحتراز عن الكسب فى متن الاستدلال المختار أنه لا يجب.
قوله:(فقد لا يحصل) أى فى الفرع ما هو المناط للحكم فى الأصل من قدر الحكمة بخلاف نفس الوصف فإنه لا يتفاوت.
قوله:(ومنع انتفاء الحكم) قد عرفت أن ليس للمستدل فى رفع انتفاء الحكم فى صورة النقض سوى المنع وبيان المانع وأما فى الكسب فله أن يدفعه لأن انتفاء الحكم مع وجود الحكم لا يصلح اعتراضًا على عليتها لجواز أن يكون قد شرع فى صورة الكسر لتحصيل تلك الحكمة حكم آخر هو أولى بها كما إذا قال العلل، إنما قطع اليد باليد للزجر فيقول المعترض حكمة الزجر قائمة فى القتل العمد العدوان مع أنه لا قطع فيجيب العلل بأنه قد شرع فيه حكم آخر هو أليق وأشد زجرًا من القطع وهو القتل وقد سبق تحقيق ذلك.