للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: (الخامس عشر: المعارضة فى الأصل بمعنى آخر إما مستقل كمعارضة الطعم بالكيل أو القوت أو غير مستقل كمعارضة القتل العمد العدوان بالجارح والمختار قبولها لنا لو لم تكن مقبولة لم يمتنع التحكم لأن المدعى علة ليس بأولى بالحرمة أو بالاستقلال من وصف المعارضة فإن رجح بالتوسعة منع الدلالة ولو سلم عورض بأن الأصل انتفاء الأحكام وباعتبارهما معًا وأيضا فلما ثبت أن مباحث الصحابة كانت جمعًا وفرقًا، قالوا: استقلالهما بالمناسبة يستلزم التعدد قلنا تحكم باطل كما لو أعطى قريبًا عالمًا).

أقول: معنى المعارضة فى الأصل هو أن يبدى المعترض معنًى آخر يصلح للعلية مستقلًا أو غير مستقل بل جزءًا أما المستقل فيحتمل أن يكون علة مستقلة دون الأول وأن يكون جزء علة فهو مع الأول علة مستقلة وعلى التقديرين فلا يحصل الحكم بالأول وحده، مثاله أن يعلل حرمة الربا بالطعم فيعارضه بالقوت أو الكيل وأما غير المستقلة فيحتمل أن يكون جزء العلة فينفى استقلال الأول، مثاله: أن يعلل القصاص فى المحدد بكونه قتلًا عمدًا عدوانًا فيعارضه بكونه بالجارح فإنه لما جاز أن تكون العلة الأوصاف المذكورة مع قيد كونه بالجارح لم يتعد إلى المثقل ثم اختلف فى قبول هذه المعارضة ولنا قبولها لنا لو لم تقبل لم يمتنع التحكم واللازم باطل ضرورة واتفاقًا، بيان الملازمة أن الوصف المبدى فى الصورة الأولى يصلح للاستقلال والجزئية كالوصف المدعى علة والمبدى فى الصورة الثانية يصلح جزءًا للعلة كما يصلح الوصف المدعى علة وقيوده كذلك فكان الحكم باستقلال المدعى أو جزئيته دون المبدى تحكمًا فإن قيل لا تحكم مع الرجحان ووصف التعليل راجح إذ فى اعتباره دون وصف المعارضة توسعة فى الأحكام لأنه إذا اعتبر تعدى الحكم إلى الفرع ولو اعتبر الآخر وهو أنه لا يوجد فى الفرع لم يتعد قلنا لا نسلم دلالة حصول التوسعة بكونه علة على كونه علة نعم يصلح ذلك مرجحًا لدليل لو كان قد ثبت عليتها والكلام فيه ولو سلم فهو معارض بما يرجح اعتبار وصف المعارضة وهو أن إلغاءه فيه إثبات حكم الفرع على خلاف الأصل لأن الأصل انتفاء الأحكام وأن اعتباره فيه جمع للدليلين وهو أولى من إلغاء واحد ولنا أيضًا بالنقل أن مباحث الصحابة رضوان اللَّه عليهم كانت جمعًا وفرقًا ومن تأمل كتب السير وتتبع تفاصيل الآثار لم يخف عليه ذلك وما ذلك إلا بتعميم بعضية وصف وتخصيص

<<  <  ج: ص:  >  >>