قال:(والصحيح جواز تعدد الأصول لقوة الظن به وفى جواز اقتصار المعارضة على أصل واحد قولان وعلى الجميع فى جواز اقتصار المستدل على أصل واحد قولان).
أقول: قد اختلف فى جواز تعدد الأصول فقيل لا يجوز بل يجب على المستدل الاكتفاء بأصل واحد إذ مقصوده الظن وهو يحصل به فيلغو ما زاد عليه والصحيح أنه جائز لأن الظن يقوى به وكما أن أصل الظن مقصود ففوته أيضًا مقصوده ثم إذا تعدد أصله فهل يجوز للمعترض أن يقتصر فى المعارضة على أصل واحد ولا يتعرض لسائر الأصول؟ فيه قولان، ووجه الجواز أن إبطال جزء من كلامه يبطل كلامه ووجه المنع أنه لو سلم له أصل لكفاه فى مقصوده فلا بد من إبطال الجميع فإن قلنا لا يجوز الاكتفاء بل يجب المعارضة فى جميع الأصول فإذا عارض فى الجميع ودفع المستدل معارضته عن أصل واحد فهل يجوز ويكون ذلك كافيًا فيه قولان ووجه الجواز أنه يحصل به مطلوبه ووجه المنع أنه التزم الجميع فيلزمه الذب عن الجميع كأن الجميع صار مدعًى بالعرض.
قوله:(إبطال جزء من كلامه) يعنى الأصل الذى عورض وذلك لأن قصد المستدل إلحاق الفرع بجميع الأصول وذلك يبطل بإيقاع الفرع بينه وبين أحد الأصول واعلم أن تمام المسألة ببيان خلاف آخر أشار إليه فى المنتهى حيث قال اختلفوا فى جواز تعدد الأصول فقيل هو أقوى فى إفادة الظن وقيل يؤدى إلى النشر والخبط والمجوزون اختلفوا فى جواز الاقتصار فى المعارضة على أصل واحد ومن أوجب على الجميع اختلفوا فى وجوب اتحاد المعارض فى الجميع ومن لم يوجب الاتحاد اختلفوا فى جواز اقتصار المستدل على سؤال واحد.