قال:(الحادى والعشرون: اختلاف الضابط فى الأصل والفرع مثل تسببوا بالشهادة فوجب القصاص كالمكره فيقال الضابط فى الفرع الشهادة وفى الأصل الإكراه فلا يتحقق التساوى، وجوابه أن الجامع ما اشتركا فيه من التسبب المضبوط عرفًا أو بأن إفضاءه فى الفرع مثله أو أرجح كما لو كان أصله المغرى للحيوان فإن انبعاث الأولياء على القتل طلبًا للتشفى أغلب من انبعاث الحيوان بالإغراء بسبب نفرته وعدمه علمه فلا يضر اختلاف أصلى التسبب فإنه اختلاف فرع وأصل كما يقاس الإرث فى طلاق المريض على القاتل فى منع الإرث ولا يفيدان التفاوت فيهما ملغًى لحفظ النفس كما ألغى التفاوت بين قطع الأنملة وقطع الرقبة فإنه لم يلزم من إلغاء العالم إلغاء الحر).
أقول: من الاعتراضات اختلاف الضابط فى الأصل والفرع، مثاله أن يقول المستدل فى شهود الزور على القتل يقتل بشهادتهم تسببوا للقتل فيجب القصاص كالمكره فيقول المعترض الضابط مختلف فإنه فى الأصل الإكراه وفى الفرع الشهادة ولم يعتبر تساويهما فى المصلحة فقد يعتبر الشارع أحدهما دون الآخر وجوابه بوجهين:
أحدهما: أن الضابط هو القدر المشترك وهو التسبب وأنه أمر منضبط عرفًا فيصلح مظنة.
ثانيهما: بيان أن إفضاءه فى الفرع مثل إفضائه فى الأصل أو أرجح منه فيثبت التعدية كما لو جعل فى مسألة القصاص من الشهود الأصل هو المغرى للحيوان على القتل فيقول المعترض الضابط فى الأصل إغراء الحيوان وفى الفرع الشهادة فيجيب المستدل بأن إفضاء التسبب بالشهادة إلى القتل أقوى من إفضاء التسبب بالإغراء، فإن انبعاث أولياء المقتول على قتل من شهدوا عليه بالقتل طلبًا للتشفى وثلج الصدر بالانتقام أغلب من انبعاث الحيوان على قتل من يغرى هو عليه وذلك بسبب نفرته من الآدمى وعدم علمه بالإغراء وإذا كان كذلك لم يضر اختلاف أصلى التسبب وهو كونه شهادة وإغراء فإن حاصله قياس التسبب بالشهادة على التسبب بالإغراء والأصل لا بد من مخالفته للفرع وذلك كما يقاس إرث المرأة التى يطلقها الزوج فى مرض موته على القاتل فى نقض المقصود الفاسد من الفعل فلا يقال حكم الأصل عدم الإرث وحكم الفرع الإرث فلا يصح لأن هذا الاختلاف لا يضر ويرجع إلى الاختلاف فى محل الحكم لا فى الحكم وذلك مما لا بد منه