قال:(والمختار أنه ثلاثة تلازم بين حكمين من غير تعيين علة واستصحاب وشرع من قبلنا الأول تلازم بين ثبوتين أو نفيين أو ثبوت ونفى أو نفى وثبوت والمتلازمان كانا طردًا وعكسًا كالجسم والتأليف جرى فيهما الأولان طردًا وعكسًا وإن كانا طردًا لا عكسًا كالجسم والحدوث جرى فيهما الأول طردًا والثانى عكسًا والمتنافيان إن كانا طردًا وعكسًا كالحدوث ووجوب البقاء جرى فيهما الأخيران طردًا وعكسًا فإن تنافيا إثباتًا كالتأليف والقدم جرى فيهما الثالث طردًا وعكسًا، فإن تنافيا نفيًا كالأساس والخلل جرى فيهما الرابع طردًا وعكسًا).
أقول: قد اختلف فى أنواع الاستدلال والمختار أنه ثلاثة: التلازم بين الحكمين من غير تعيين علة وإلا كان قياسًا، واستصحاب الحال، وشرع من قبلنا، قالت الحنفية: والاستحسان أيضًا، وقالت المالكية: والمصالح المرسلة أيضًا، وقال قوم: نفى المدارك فى الأحكام العدمية، ونفى قوم شرع من قبلنا، وقوم الاستصحاب.
الكلام فى التلازم وهو أربعة أقسام إنما يكون بين حكمين والحكم إما إثبات أو نفى ويحصل بحسب التركيب أقسام أربعة لأن التلازم بين ثبوتين أو بين نفيين أو بين ثبوت ونفى أو بين نفى وثبوت ومحل الحكم إن لم يكونا متلازمين ولا متنافيين وهما العام والخاص، من وجه كالأسود والمسافر لم يجر فيه شئ منها فلا يصح إن كان مسافرًا فهو أسود ولا إن لم يكن أسود فليس مسافرًا ولا إن كان أسود فليس مسافرًا ولا إن لم يكن أسود فهو مسافر وإنما يجرى فيما فيه تلازم أو تنافٍ والتلازم إما أن يكون طردًا وعكسًا أى من الطرفين أو طردًا لا عكسًا، أى من طرف واحد والتنافى لا بد أن يكون من الطرفين لكنه إما أن يكون طردًا وعكسًا أى إثباتًا ونفيًا وإما طردًا فقط، أى إثباتًا وإما عكسًا فقط أى نفيًا فهذه خمسة أقسام فلينظر ماذا يجرى فيها من الأقسام الأربعة أى يصدق فيها:
الأول: المتلازمان طردًا وعكسًا وهو كالجسم والتأليف إذ كل جسم مؤلف وكل مؤلف جسم وهذا يجرى فيه الأولان أى التلازم بين الثبوتين وبين النفيين كلاهما طردًا وعكسًا فيصدق كلما كان جسمًا كان مؤلفًا، وكلما كان مؤلفًا كان جسمًا، وكلما لم يكن جسمًا لم يكن مؤلفًا، وكلما لم يكن مؤلفًا لم يكن جسمًا.
الثانى: المتلازمان طردًا فقط، كالجسم والحدوث إذ كل جسم حادث ولا ينعكس فى الجوهر الفرد والعرض فهذان يجرى فيهما الأول أى التلازم بين الثبوتين طردًا