توضيح تعريف العلم أن المحتمل للنقيض لا يكون إلا الطرفين ولا يتصور ذلك الاحتمال بين النفى والإثبات أو بين الوقوع واللاوقوع فلا معنى لأن يقال الإثبات أو الوقوع يحتمل النفى أو اللاوقوع بل يجب أن يقال الطرفان لهما احتمال النقيض فمفهوم المتعلق يصدق على شيئين فى جانب التصديق وهما ذو الصورة والطرفان فيصدق على الظن وأخواته بسبب المتعلق الذى هو ذو الصورة أن متعلقه لا يحتمل النقيض فدخل فى التعريف وقد يجاب بأن المراد لا يحتمل شئ له من متعلقه النقيض فخرج من التعريف.
قوله:(لاستناده إلى موجب) لقائل أن يقول إن ذلك مبنى على عدم جواز انتفاء الموجب وهو خلاف الواقع؛ فإن بعضًا من القضايا الحاصلة لنا بالبرهان فى وقت قد يصير منسيًا فى وقت آخر مع ما يوجبه بحيث إذا توجهنا إليه تردّدنا فيه، وقد يظهر دليل على خلاف ما كان وحصل اعتقاد مخالف.
قوله:(ترتسم فى الذهن صورة) إذا ارتسم فى الذهن الصورة المتعلقة بالجزئيات فلها فى النفس صورة وصفة موجبة لها هى العلم، وإن ارتسم تلك الصورة فى القوى البدنية فلا يصدق التعريف على ما فى تلك القوى إذ يجب أن يكون محل مميزًا بسبب العلم وليس القوّة البدنية مميزة؛ بل المميز هو النفس فلو تحقق فرد من العلم حين الإحساس بإحدى الحواس لكان هذا الفرد حاصلًا فى النفس وموجبًا لصورة حاصلة فى تلك القوى.
قوله:(موصوفة بالحجرية) التحقيق ذكره مبنى على أن الجبل عبارة عن الجواهر الفردة المعروضة لعرض هو يميز له صورة نوعية الجوهرية عند الحكماء؛ فإن من قال بالجواهر الفردة يتميز أنواع الجواهر عنده بأعراض متنوعات لها وهذا العرض المتنوع الجبلية يكون على وجه يجوز اجتماعه مع الصورة النوعية الحجرية ومع الصورة النوعية الذهنية أيضًا، وأما كونه عبارة عن الجواهر الأفراد فقط من غير اعتبار شئ آخر معها فالواقع بخلافه وإذا كان كذلك فالحكم على الجبل بأنه حجر حكم عليه بأنه ذهب من غير تغيير فى الوضوع الذى هو الجبل فحصل اتحاد الموضوع فى القضيتين، وتوجيهه إيراد حديث تجانس الجواهر الأفراد وعلى هذا يجب على الشارح أن يقول لجواز انقلاب الحجر ذهبًا إذ لا معنى لقوله انقلاب الجبل ذهبًا؛ لأن الجبل حين ذهبيته موجود بحاله وعلى المحشى أن يقول فالجبل