للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: (مسألة: للمقلد أن يقلد المفضول، وعن أحمد وابن شريح الأرجح متعين. لنا القطع بأنهم كانوا يفتون مع الاشتهار والتكرر ولم ينكر وأيضًا قال: "أصحابى كالنجوم"، واستدل بأن العامى لا يمكنه الترجيح لقصوره، وأجيب بأنه يظهر بالتسامع وبرجوع العلماء إليه وغير ذلك قالوا: قولهم كالأدلة فيجب الترجيح، قلنا: لا يقاوم ما ذكرنا ولو سلم فلعسر ترجيح العوام، قالوا: الظن يقول الأعلم أقوى، قلنا تقرير ما قدمتموه).

أقول: إذا تعدد المجتهدون وتفاضلوا فلا يجب على المقلد تقليد الأفضل بل له أن يقلد المفضول وعن أحمد وابن شريح منعه بل يجب عليه النظر فى الأرجح منهما ويتعين الأرجح منهما عنده للتقليد لنا قد علم قطعًا أن المفضولين فى زمن الصحابة وغيرهم وكانوا يفتون وقد اشتهر عنهم ذلك وتكرر ولم ينكر أحد فدل على أنه جائز، وأيضًا قال -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أصحابى كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم" خرج العوام لأنهم المقتدون بقى معمولًا به فى المجتهدين منهم من غير فضل واستدل بأن العامى لو كلفناه الترجيح لكان تكليفًا بالمحال لقصوره عن معرفة مراتب المجتهدين وترجيح الفاضل والمفضول منهم. الجواب: أن معرفة الترجيح ليست مستحيلة من العامى لأنه يظهر له بالتسامع من الناس وبرجوع العلماء إليه وعدم رجوعه إليهم وغيره ككثرة المستفتين وتقديم سائر العلماء له والاعتراف بفضله.

قالوا: أولًا: قول المجتهدين بالنسبة إلى المقلد كالأدلة بالنسبة إلى المجتهد، فإذا تعارضت لا يصار إليها تحكمًا بل لا بد من الترجيح وما هو إلا يكون قائله أفضل اتفاقًا.

الجواب: أن هذا قياسى فلا يقاوم ما ذكرنا من الإجماع ولو سلم فالفرق أن ترجيح المجتهدين سهل وترجيح العوام للمجتهدين وإن أمكن فهو عسر.

قالوا: ثانيًا: الظن يقول الأعلم أقوى ويجب معرفة أقوى الظنين للأخذ به عند التعارض.

الجواب: أن هذا تقرير الدليل الأول فى المعنى وإن تخالفا فى العبارة لأن إفادته للظن وكونه كالدليل للمجتهد أمر واحد، والجواب الجواب بعينه.

قوله: (فهو عسر) مبناه على أن التسامح والشهرة ورجوع العلماء إليه وإقبال الناس عليه ليس مما يطلع عليه بسهولة.

<<  <  ج: ص:  >  >>