واعلم أنه قد اشتهر من كلام الإمام الرازى ومن تبعه تقسيم التصديق إلى العلم والظن والاعتقاد والشك والوهم، ولما كان جعل الشك والوهم من أقسام التصديق مخالف للتحقيق زعم الشارح المحقق أن ما عنه الذكر الحكمى أعم من الحكم والتصديق فيعم الشك والوهم، وزعم الشارح العلامة أنه يتناول من التصورات ما يشتمل على نسبة كالمركب التقييدى وأنت خبير بأن هذا معنى ثالث للعلم غير ما ينقسم إلى التصور والتصديق وغير ما هو من أقسام التصديق لم يعرف به اصطلاح، وجمهور الشارحين على أن الذكر الحكمى هو الكلام اللفظى المشتمل على إفادة بالنسبة وما عنه الذكر الحكمى هو الذكر النفسى ويسمى بالكلام النفسى، ومتعلقه بالنسبة التى بين طرفى الذكر النفسى أعنى النسبة القائمة بالذهن لا النسبة الخارجية على ما فى بعض الشروح إذ لا معنى لاحتمالها النقيض، والشارح المحقق فسر الذكر الحكمى بالحكم المذكور وما عنه الذكر الحكمى بالحكم المعقول إذ هو الذى ينبئ عنه المذكور لفظًا فتعين أن يكون متعلقه الطرفين إذ لم يبق سوى النسبة الخارجية وهى لا تتصف باحتمال النقيض ولا معنى لوصفها باحتمال نقيض النسبة المعقولة بخلاف الطرفين، فإنه إذا تعقل بينهما نسبة فقد يحتملان نقيضها وقد لا يحتملان والحاصل أن الذكر النفسى إما عين النسبة المعقولة أو مجموع ما جعل فى العقل من الطرفين والنسبة، وعلى كل تقدير لا معنى لجعل متعلقه النسبة؛ لأن متعلق الشئ خارج عنه لا محالة وعلى التقدير الأول وهو الحق يصح جعل متعلقه الطرفين وههنا بحث وهو أن المفهوم من الإثبات والنفى إما إيقاع النسبة وانتزاعها بمعنى إدراك أن النسبة واقعة أو ليست بواقعة والإذعان والقبول لذلك على ما هو حقيقة التصديق والحكم، ومعلوم أنه لا يتناول الشك والوهم وإما وقوع النسبة ولا وقوعها ومعلوم أنه على تقدير تحققه فى الشك والوهم لا ينقسم إلى العلم والظن ونحوهما بل إلى المعلوم والمظنون لا يقال المراد حضور النسبة التى هى مورد الإيجاب والسلب، لأنا نقول هذا على تقدير أن يصدق عليه الإثبات والنفى وينبئ عنه الذكر الحكمى لا ينحصر فيما ذكر بل قد يكون مجرد تصور وبالجملة لا يفهم من الإثبات والنفى معنى يتناول الشك والوهم ويصدق على العلم وسائر الأقسام وينحصر فيها وغاية ما يمكن من