فى المعنى القائم بالنفس سواء عبر عنه بالألفاظ أو لا فلا يتوجه أن الشاك قد يتلفظ بما يدل على أحد الطرفين كما مر وأما فى الوهم فلأن المرجوح أدنى من المساوى وأيضًا فى الراجح حكم فيلزم اعتقاد النقيضين معًا وبالجملة لا بد فى الحكم والاعتقاد من رجحان ولا رجحان فيهما فلذلك عدل المصنف إلى ما يشملهما.
قوله:(وأشار) المذكور فى عبارة القوم أن الظن هو الحكم بأحد النقيضين مع تجويز الآخر ويتبادر منه أنه مركب من اعتقادين فأشار إلى أنه بسيط وأن خطور النقيض الآخر لا يجب أن يكون بالفعل ولعل مرادهم هو هذا لكن التصريح به أولى.
قوله:(فإن قلت الاعتقاد لا يحتمل النقيض عند الذاكر) لكونه قسيمًا لما يحتمله عنده، (ولا فى الواقع) لأن الواقع فى نفس الأمر إما الاعتقاد فلا احتمال له كما فى العلوم العادية وإما نقيضه فلا معنى لاحتماله وبالجملة ما فى نفس الأمر أحدهما قطعًا والاحتمال ينافيه والجواز العقلى الشامل لجميع الممكنات غير معتبر كما فى العاديات وحيث جعله مقابلًا للعلم فلا بد فيه من احتماله النقيض بوجه وقد انتفت الوجوه بأسرها فما معنى احتماله له والجواب أن معنى احتماله للنقيض هو احتمال متعلقه فى نفس الأمر بالنسبة إلى الحاكم أن يحكم فيه بالنقيض لا فى الحال لوجود الجزم المانع منه وهو الذى نفيناه من قبل بل فى المآل لجواز زواله فيه، (وذلك بأن يكون الواقع فى نفس الأمر نقيضه) كما فى الجهل المركب فيطلع عليه فيما بعد، (أو) يكون الواقع فيه (هو) أى الاعتقاد، (ولا يكون ثمة ما يوجبه من حس أو بداهة أو عادة) أو برهان كما فى تقليد المصيب فيزول، (فإن الاعتقاد) الناشئ (عن تقليد أو شبهة) فى صواب أو خطأ لا يمتنع أن يزول بتقليد آخر أو اطلاع على الواقع أو فساد الشبهة.
واعلم أن لفظ الواقع: منصوب خبرًا لكان، ونقيضه: مرفوع اسمًا لها والضمير المرفوع عطف عليه ويحتمل أن يقتدر ضمير الشأن فيكون عطفًا على خبر المبتدأ.
قوله:(بأن يقال العلم) العلم الخارج من التقسيم قسم من العلم وهو التصديق اليقينى وقد علم منه حده وأما سائر الأقسام فقد خرجت تامة ولا بأس فى ذلك إذ قد تقدم ما هو أصح حدوده والمقصود معرفة ما عداه وأيضًا يمكن تعميمه بأدنى