للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: (الحمد للَّه رب العالمين وصلى اللَّه على سيدنا محمد وآله أجمعين، أما بعد: فإنى لما رأيت قصور الهمم عن الإكثار وميلها إلى الإيجاز والاختصار صنفت مختصرًا فى أصول الفقه ثم اختصرته على وجه بديع وسبيل منيع لا يصدّ اللبيب عن تعلمه صادّ ولا يردّ الأريب عن تفهمه راد واللَّه تعالى أسأل أن ينفع به وهو حسبى ونعم الوكيل وينحصر فى المبادئ والأدلة السمعية والترجيح والاجتهاد).

أقول: ينحصر المختصر أو العلم فى أمور أربعة:

الأول: المبادئ وهي ما لا يكون مقصودًا بالذات، بل يتوقف عليه ذلك وعدّها جزءًا من العلم تغليبًا لا يبعد.

الثاني: الأدلة السمعية؛ لأن المقصود استنباط الأحكام وإنما يكون منها لأن العقل لا مدخل له فى الأحكام عندنا.

الثالث: الترجيح إذ الأدلة الظنية قد تتعارض فلا يمكن الاستنباط إلا بالترجيح وهو بمعرفة جهاته.

الرابع: الاجتهاد وهو الاستنباط المقصود فلا بد من معرفة أحكامه وشرائطه.

واعلم أن الحصر فى مثله استقرائى، ومن رام حصرًا عقليًا فقد ركب شططًا إلا أن يقصد به ضبط يقلل من الانتشار ويسهل الاستقراء، فيقال ما يتضمنه الكتاب إما مقصود بالذات أو لا الثاني: المبادئ إذ لا بد أن يتوقف عليه المقصود بالذات وإلا فلا حاجة إليه أصلًا والأوّل لما كان الغرض منه استنباط الأحكام فالبحث إما عن نفس الاستنباط وهو الاجتهاد أو عما تستنبط هي منه إما باعتبار تعارضها وهو الترجيح أو لا وهو الأدلة السمعية.

قوله: (وينحصر) ذهب الجمهور إلى أن موضوع الأصول الأدلة السمعية لما أنه يبحث عن أحوالها من حيث إثبات الأحكام بها بطريق الاجتهاد بعد الترجيح عند التعارض، وبهذا الاعتبار كانت أجزاؤه مباحث الأدلة والاجتهاد والترجيح، ونظر بعضهم إلى أن من المباحث المتعلقة بالإثبات ما يرجع إلى أحوال الأحكام فجعل موضوعه الأدلة والأحكام وصارت الأبواب أربعة وقد جرت العادة بتصدير كتب الأصول بمباحث خارجة عن المقاصد المذكورة يسمونها المبادئ تكون جزءًا من

<<  <  ج: ص:  >  >>