راجع نفسه ظهر له أن بعض التصورات والتصديقات حصل له بلا طلب وكسب وأن بعضًا منها يحتاج فى حصوله إلى ذلك، ومن أنكر شيئًا من هذه الأقسام فهو إما معاند يجحد الحق مع عرفانه فيعرض عنه لأن المكابرة تسدّ باب المناظرة وإما جاهل بمعنى ما أنكره فيفهم معناه ليرجع إلى وجدانه ويعود عن إنكاره.
قوله:(تقدمًا طبيعيًا) لما قيد المتقدم بالطبيعى جعل التوقف تفسيرًا له فوسط بينهما أداته ولو أجرى على إطلاقه كان قيدًا له، وفي قوله: وهو الذى متعلقه مفرد إشعار بأن قوله لانتفاء التركيب وإن كان تعليلًا لفظًا فهو مفسر معنى لوجوب جريانه فى الكل ويؤيده قول المصنف: أى تطلب مفرداته بالحدّ.
قوله:(وهو دليله) يقوى ما ذكرناه من عدم اختصاص الدليل بالمفرد أو هو على اصطلاح المنطقيين.
قوله:(واعلم) رد على ما ذكره فى تعريف التصور المطلوب والضرورى فإن تصور المركب قد يكون ضروريًا إذ لا يلزم من توقفه على مفرداته أن تطلب فيحدّ بها وقد خرج عن تعريفه فلا يكون جامعًا ودخل فى حد المطلوب فلا يكون مانعًا وأيضًا تصور البسيط قد يكون مطلوبًا بالرسم، وقد خرج عن حده ودخل فيما يقابله وإنما اقتصر على النقض بالمركب لوروده على صريح تعريفى الضرورى والمطلوب، وأما البسيط فإنما يرد إذا اعتبر ما ضم إليهما تعليلًا وتفسيرًا، ويمكن أن يقال لا يلزم من توقف التصديق على تصديق آخر أن يكون مطلوبًا بالدليل لجواز حصول الموقوف عليه بلا طلب كما فى الحدس فينتقض التعريفان طردًا وعكسًا.
الشارح:(تقدمًا طبيعيًا) المراد به هنا تقدم الجزء على كله لا ما يشمل تقدم العلل الناقصة وتقدم العد فلا يرد أن تصور النسبة يتوقف على تصور طرفيها مع أنها تكون ضرورية، والمراد بالتقدم الطبيعى بالنسبة للتصديق تقدم المعد الذى هو الدليل وقوله: أى لا يتوقف تحققه عليه أى تحققه فى نفسه وتوقفه عليه بأن يكون كلًا يتوقف على أجزائه.
قوله:(ومن أنكر شيئًا من هذه الأقسام) أى قائلًا إنه يجوز أن ما حصل لنا الآن بلا نظر إنما هو لحصوله فى الزمن الأول بالنظر لتطاول المدة لأن النفس قديمة فهو