قال:(وأورد على التصور إن كان حاصلًا فلا طلب وإلا فلا شعور به فلا طلب وأجيب بأنه يشعر بها وبغيرها والمطلوب تخصيص بعضها بالتعيين وأورد ذلك على التصديق وأجيب بأنه يتصور النسبة بنفى أو إثبات ثم يطلب تعيين أحدهما ولا يلزم من تصور النسبة حصولها وإلا لزم النقيضان).
أقول: قد أورد على التصور أنه لا مطلوب منه لأنه إما حاصل فلا يطلب لكونه تحصيلًا للحاصل وإما غير حاصل فلا شعور به فلا يطلب لا يقال: إنه حاصل من وجه دون وجه لأنه يعود الكلام فيما يطلب من وجهيه. بل الجواب أنه يشعر بها أى بمفرداته التى ذكر أنها تطلب لتعرف متميزة وبغيرها مفصلة ويطلب تخصيص بعضها بالتعيين كمن يرى أشخاصًا كثيرة فيهم زيد ولا يعرفه بعينه فيسأل عنه من يعرفه فيضع يده على أحدهم ويقول زيد هو هذا أو يعرفه بعلامة علمها لزيد دون من عداه والتحقيق أنه ليس كل متصور متصورًا تفصيلًا أى تصورًا حاضرًا بل منه ما هو كالمخزون المعرض عنه يلتفت إليه بالقصد فيحضر فإذا استحضر جملة منه ورتبت حصل مجموع لم يكن كمن يبني ببناء ثم ربما انتقل الذهن منه إلى غيره مما كان مغفولًا عنه أو متوجهًا إليه ليعقله بوجه آخر كما ينتقل من الحر إلى الحارّ ومن الصوت إلى المصوّت وقد أورد على التصديق مثله فقيل لا مطلوب منه لأنه إما حاصل أو غير مشعور به كما تقدّم.
والجواب: أنه يتصور النسبة نفيًا أو إثباتًا والمطلوب تعيين أحدهما وذلك أن العلم بالنسبة من جهة تصورها غير العلم بحصولها وإلا لزم من تصورها العلم بحصولها فإذا تصورنا النفى والإثبات فشككنا فيهما أو حكمنا بتنافيهما لزم اجتماع النفى والإثبات وهما نقيضان.
قوله:(لأنه يعود الكلام) أى الوجه المطلوب إما معلوم فلا يطلب لكونه حاصلًا وإما مجهول فلا يطلب لكونه مغفولًا عنه.
قوله:(وأجيب بأنه يشعر بها) جمهور الشارحين على أن هذا إشارة إلى الجواب المشهور وهو أن الماهية المطلوبة مشعور بها من وجه، وهذا القدر يكفى فى التوجه إليها وطلب حقيقتها المجهولة كالروح يعلم من حيث إنه شئ به الحياة والحس والحركة وأن له حقيقة هذه صفاته فخطلب تلك الحقيقة بعينها وحاصله منع قوله