للأول ولا يعود الكلام كيف والشبهة إذا صرح فيها بالقسم الثالث صارت مقطوعًا بها فى حصرها وتعين فى الجواب منع الخلف فى أقسامها ولا مجال له فى القسمين الأولين فانحصر حلها فى هذا القسم وما استحسنه من الجواب راجع إلى ما ردّه وتقريره أنه يشعر بمفردات المطلوب التى ذكر سابقًا أنها تطلب لتعرف متميزة ويشعر بغير تلك المفردات مفصلة أى متفرقة مختلطة وهو حال عن المجموع ويطلب تخصيص بعض المشعور بها وهو تلك المفردات بالتعيين والتمييز لتعرف مجموعة ممتازة عن غيرها فإنها كذلك تطابق الماهية بكنهها وأما حال تفرقها واختلاطها فلا تستلزم إلا معرفتها بوجه ما فقد رجع إلى ما ذكرناه إلا أن فيه تفصيلًا ليس هناك وإنما خصص الكلام بالإجزاء وما يتركب منها اقتفاء للمصنف ولأنه أشكل وإلا فحال اللوازم وما يتألف منها كذلك أيضًا ثم شبه حال البصيرة ومدركاتها بالنظر بحال البصر وما يدرك به وعمم فيه فأورد ما يشبه الحد أولًا وما يشبه الرسم ثانيًا حققهما على وجه لا مزيد عليه وهو أن التصور على قسمين تفصيلى وهو أن يكون التصور حاضرًا مخطرًا بالبال متلفتًا إليه بالذات وإجمالى وهو ما ليس كذلك بل هو كالمخزون المعرض عنه وللمدرك أن يلتفت إليه بالقصد متى شاء بلا تجشم فيحضر ويصير مخطرًا بالبال وملحوظًا نفسه تفصيلًا وأنت إذا رجعت إلى نفسك وجدت أكثر معلوماتك من هذا القبيل فإذا استحضر جملة مما هو كالمخزون ورتبت على ما ينبغى حصل فى الذهن مجموع لم يكن وهذا هو الحد الحقيقى وفيه إشارة إلى أن تصور الحدود هو بعينه تصورات أجزائه مجتمعة لا أمر آخر يترتب عليه فمعنى تعريف لإجزاء للماهية أن لكل واحد منها مدخلًا فيه وأيد هذه الإشارة حيث شبه التركيب الذهنى بالخارجى فإن أجزاء البناء مادة وصورة إذا اجتمعت حصل مجموع هو البيت لا أنه يترتب عليها ولكل واحد منها مدخل فى وجوده فإن قيل: هل يعرض للأجزاء باجتماعها هيئة وحدانية هى من أجزاء المحدود كما فى البيت قلنا لا هيئة هناك هى جزء منه لانحصار أجزائه المادية والصورية فيما تصور واجتماعها من لوازم مطابقتها إياه لا من مقدماته كاجتماع المادة والصورة فى البيت.
قوله:(ثم ربما انتقل الذهن منه) أى من المجموع الحاصل بالترتيب (إلى غيره مما كان مغفولًا عنه) أى لم يتوجه إليه بخصوصه كما إذا رتبط جملة من متصوراته