شروعًا كما فعله المصنف فليست بتمامها من أجزائه، فإن تصور الشئ ومعرفة غايته خارجان عنه ولا من جزئيات ما يتضمنه حقيقة لدخوله فيه قطعًا، وجوابه أن بعضها أعنى الاستمداد مع كثرته جزء منه وقد انضمت إلى الأجزاء الثلاثة فلا يبعد تغليبها عليها مجازًا، وما قيل من أنه فسر الشارح الاستمداد على وجه يتناول ما هو خارج عن العلم أعنى بيان أنه من أى علم يستمد، وما هو داخل فيه أعنى ما يبتنى عليه مسائله من التصورات والتصديقات فتوهم بل صرح بأن بيانه على قسمين إجمالى وتفصيلى، وما ظن من وجوب تقييد العلم بالمورد فى المختصر على تقدير رجوع الضمير إليه لجواز اشتماله على أهلية الموضوع فإن الموضوعات من أجزاء العلوم، وعلى الخاتمة فبعد ما يلزمه من ركاكة المعنى يرد عليه أن الأول داخل فى المبادئ بالمعنى المذكور وإن لم يذكر فيها كبعض المسائل فى سائر الأجزاء، وأما الخاتمة الخارجة عن الأربعة فليست جزءًا حقيقة ولا مثلًا له فى التوقف عليه.
قوله:(الثانى: الأدلة السمعية) يريد أن مباحثها المتعلقة باستنباط الأحكام الخمسة من الأجزاء لا الأدلة أنفسها فيندرج فيها أحكام المقبولة منها وهي خمسة؛ الأربعة المشهورة والاستدلال وأحوال المردودة منها وهي ما عداها وهكذا الاجتهاد نفسه ليس جزءًا من العلم أو الكتاب بل القواعد المتعلقة به وبما يقابله أعنى التقليد وبما يستندى إليهما كالإفتاء والاستفتاء وكذا الترجيح فإن الجزء أحكام يتعلق به أو بما يتوقف عليه من التعارض أو بما يعادله من الوقف والتخيير ولو جعلت هذه الألفاظ فى عبارة المتن كأنها أسماء لتلك المباحث لم يبعد.
قوله:(لأن المقصود استنباط الأحكام) أى المقصود بالذات من الفن حيث ذكر فيما وقع إزاء المبادئ المقصودة فى الجملة فما قيل من أنه علم آلى والغرض منه الاستنباط المذكور فيكون حصول ذاته وأجزائه مقصودًا بالذات أولًا وحصول غرضه مقصودًا ثانيًا كسائر ما له غاية، وفي جعل الاستنباط مقصودًا فى موضعين من هذا الفصل وغرضًا فى آخر وجعل ما يتضمنه الكتاب غير المبادئ أعنى المسائل مقصودًا بالذات تنبيه على ما ذكر فمع سقوطه فاسد فى نفسه، لا يقال: كون الاستنباط مقصودًا بالذات وغرضًا منه، يستلزم اتحاد غاية الشئ معه لأنا نقول: المقاصد قد تترتب فيكون أمر وسيلة إلى ثانٍ يتوسل به إلى ثالث فالوسط مقصود