للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المبتدئين على المعانى الكلية المشتركة بينهما، وقيل: الوجه فى ذلك ما أشار إليه فى تعريف الموضوعات اللغوية وبيانه ههنا أنه يحد النقيضين بصفة العموم على أن اللام للاستغراق؛ فلا بد من إيراد كل فى الحد ليطابق المحدود، وليس بين ظاهريهما فرق كما كان هناك.

قوله: (يلزم من صدق أيتهما) أشار بقوله: أيتهما فرضت إلى أن لفظ "إحداهما" فى المتن لم يرد به إحداهما بعينها؛ بل يتناول كلًا منهما وصرح باللزوم لأن مطلقات الحمليات فى العلوم تحمل على الضرورية ومطلقات الشرطيات على اللزومية والمتبادر من اللزوم هو الكلى وحمله على الجزئى لا يخل بالمقصود ههنا.

قوله: (ويلزمه العكس) الظاهر أن يقال: وبالعكس كما فى عبارة الكتاب ثم يفسر بما ذكره هنا ويكون احترازًا عن المتضادتين أعنى الكليتين إذ لا يلزم من كذب أيتهما كانت صدق الأخرى؛ كما لزم من صدق أيتهما كانت كذب الأخرى وتوجيه ما فى الشرح أن ضمير "يلزمه" راجع إلى اللزوم لتقدمه معنى، وقد نبه بذلك على أن العكس لازم فليس احترازًا عما ذكر إذ لا يلزم من صدق إحدى الكليتين كذب الأخرى بل منه مع استلزامه صدق ما هو نقيض الأخرى؛ كما ذكر فى صدق إيجاب إحدى المتساويتين وكذب سلب الأخرى ولا شبهة أن قولنا: إذا صدقت إحداهما كذبت الأخرى يتبادر منه أن سبب الكذب هو الصدق وحده، وأن معنى قوله: يلزم من صدق أيتهما فرضت كذب الأخرى أنه ينشأ ويتفرع منه كذبها، وبهذا يتضح ما حققه فى عدم الحاجة إلى التقييد بالذات ولو اكتفى بمجرد امتناع الانفكاك لورد أن صدق أحدهما مستلزم لصدق نقيض الآخر الذى يستلزم كذبه وملزوم الملزوم ملزوم، وبالجملة فالقضيتان المتنافيتان لذاتهما يلزم من صدق أيتهما فرضت كذب الأخرى وما عداهما ليس كذلك فإن كذب الأخرى إنما يلزم من صدق الأولى واستلزامه صدق ما ينافى بالذات صدق الأخرى؛ فلا حاجة إلى قيد العكس لإخراج المتضادتين ولا قيد بالذات لإخراج هذا إنسان هذا ليس بناطق ولا قيد الاختلاف بالإيجاب والسلب احترازًا عن مثل هذا زوج هذا فرد ولو عرّف النقيضان بما ذكر من معنى العكس، وقيل قضيتان يلزم من كذب أيتهما فرضت صدق الأخرى لصح ولم يحتج إلى قيد زائد على قياس ما عرفت وههنا بحث، وهو أن اللزوم بمعنى امتناع الانفكاك لا يغنى عن القيود المذكورة كما أشرنا إليه

<<  <  ج: ص:  >  >>