للأخرى وإذا قلنا: الكلية تنعكس إلى الجزئية لم يتحقق اللزوم إلا من جانب الجزئية.
قوله:(وهو تبديل كل من الطرفين بنقيض الآخر) فسر المفردين ههنا بالطرفين وأراد بهما الموضوع والمحمول لما قررناه هناك، وقد يقال: حملهما فى أحد التعريفين على ما يتناول عكس الشرطيات وفى الآخر على ما يختص بعكس الحمليات تنبيهًا على أن لإرادة كل من المعنيين وجهًا فى كلا الحدين واعتبار اللزوم فى صدق العكس وبقاء الكيف بحاله يعلم مما سلف تقريره فى العكس المستوى واختار فى عكس النقيض مذهب القدماء لأنه المستعمل فى العلوم وأراد بنقيض الطرفين ما هو بمعنى السلب لا العدول فيندفع النقض الذى أورده المتأخرون عليهم.
قوله:(وذلك لأن محمولها لازم لموضوعها) قيل: أراد أن محمولها لازم الصدق على الموضوع بجهة من الجهات فيتناول كل موجبة كلية حتى الممكنة الخاصة لأن إمكان محمولها لازم لموضوعها إلا أن بعض الموجهات ينعكس دون بعضها وأما الموجبة الجزئية وإن كان محمولها لازم الصدق على بعض أفراد موضوعها بجهة من الجهات فلا تنعكس لأن نقيض اللازم فى الملازمة الجزئية لا يستلزم نقيض الملزوم جواز أن يكون رفع اللازم على وضع وصدق الملازمة على وضع آخر والأولى أن يحمل اللزوم على عدم الانفكاك ويراد أن محمولها دائم لوصف موضوعها فإذا عدم وصف المحمول عن شئ عدم عنه أيضًا وصف الموضوع وإلا لم يكن مستديمًا له والمقدر خلافه ويختص الدليل بالدوائم الست دون السبع التى لا تنعكس سوالبها على الاستقامة ولا يجرى فى الموجبة الجزئية إلا إذا كانت إحدى الخاصتين، وما يقال: من أن جميع القضايا عند المصنف راجعة إلى الضرورية فلذلك حكم بانعكاس الكلية السالبة مطلقًا كنفسها بالمستوى وبانعكاس الموجبة الكلية كذلك بعكس النقيض فقد تبين فساده سابقًا.
قوله:(ومن أجل أن الموجبتين الكليتين متلازمتان) إنما تلازمتا لأن كل واحدة منهما منعكسة إلى الأخرى فوجب تلازم السالبتين الجزئيتين وإذا كانت السالبة الجزئية منعكسة إلى سالبة جزئية انعكست السالبة الكلية إلى تلك الجزئية لأن لازم الأعم لازم للأخص وأعم منه فلا يستلزمه فلا يتوهم وجوب انعكاس الموجبة الجزئية إلى الموجبة الكلية لأنهما نقيضًا السالبة الكلية والجزئية المتلازمتين.