الأول من ضروب الأشكال الثلاثة (تحقق فيه ذلك) المذكور من حقيقة البرهان وجهة الدلالة وهو السبب للإنتاج.
قوله:(والفقه فيه) بالرفع عطف على السبب أى السر والحكمة فى الإنتاج وإن قرئ مجرورًا فمعناه أنه السبب العلم به، وقوله: فأنتج عطف على تحقق وما بينهما اعتراض يؤكد تحقق الإنتاج وما لم يرجع إلى الأول لم ينتج لأنه لم يتحقق فيه سبب الإنتاج والعلم به.
قوله:(ولا تظننه) جعل المصنف الأشكال الثلاثة مبنية فى إنتاجها على الشكل الأول واعتبر شرائطها فى ذلك لرجوعها إليه فعلم منه أن المنتج من ضروبها ما اشتمل على هيئته وأن ما عداه لا ينتج أصلًا وظاهره استدلال بانتفاء الدليل الخاص على انتفاء المدلول لأن الارتداد إلى الأول بعض دلائل إنتاجها إذ من جملتها الخلف والافتراض وهذا خطأ فاحش فإن انتفاء الدليل مطلقًا لا يستلزم انتفاء المدلول فضلًا عن الدليل الخاص، وقد صرف المصنف بذلك فى مباحث شرائط العكس فى علة القياس حيث قال: لا يلزم من انتفاء الدليل على الصانع انتفاؤه فلا يتوهم ذلك فى حقه ولا يمكن أن يقال لعله أراد انتفاء العلم بالإنتاج وهو لازم لانتفاء دليله لأنه بين ضروبًا بغير الارتداد وهو الخلف ولفظ من فى قوله: من الخلف بيانية ويوجد فى بعض النسخ بعده لفظة وغيره وهو سهو من الناسخ إذ لم يستعمل المصنف فى بيان الضروب غير الرد والخلف فظهر أن قصده إلى ما ذكرنا من أن حقيقة البرهان ووجه الدلالة الوسط والاندراج المخصوصان بالشكل الأول وهو المنتج فى الحقيقة وهو السبب للعلم بالإنتاج فقد استدل بانتفاء العلة على انتفاء المعلول المساوى لها فلا إشكال ولما كان انحصار الإنتاج فيه مخالفًا للمشهور أزال استبعاده بقوله: ولا يستبعد أن يفطن ذكى لحكمة هى أن حقيقة البرهان ووجه الدلالة ما ذكر وتكون تلك الحكمة مناطًا لأمر هو انحصار الإنتاج فى الأول فيحصل له العلم بهذا الأمر من علته فيؤيد تلك الحكمة فى دلالتها وثبوت مدلولها بأن يستقرئ الجزئيات فيجد الضروب المشتملة على هيئة الأول منتجة وما لا يرتد إليه بوجه لا ينتج أصلًا فهذا الاستقراء التام دل أيضًا على أن المنتج فى الحقيقة هو الأول فيحصل له العلم بذلك من معلوله فيتعاضد اللمية والآنية فى إثبات ذلك الأمر.