للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المذكورة وأما ههنا فقد اعتبر الربط بينهما وأن الثانى لازم للأول ومنتف فى الواقع فيتوصل به إلى العلم بانتنهاء الأول فمآل المعنيين إلى انتنهائهيا معًا فى الواقع، لكنهما أخذا فى الأول معلومين فلا يمكن الاستدلال بأحدهما على الآخر، وفى الثانى على وجه يمكن فيه ذلك وهو على قلته مستعمل فى اللغة، يقال: لو كان زيد فى البلد لجاءنا فيعلم منه أنه ليس فيه ومنه قوله: تعالى: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا} [الأنبياء: ٢٢].

وقوله: (وأكثر استعمال الثانى وهو ما يستثنى فيه نقيض التالى أن يذكر الشرط بلفظة لو) إشارة إلى استعمالها بالمعنى الثانى وقوله: فإنها وضعت، لتعليق العدم بالعدم إشارة إلى مناسبته للمعنى الأصلى المتعارف فى استعمالاتهم وقد عبر عنه بلازمه كما حققناه، وذكر بعضهم أن اللام ههنا ليست صلة للوضع إذ لو كانت موضوعة لتعليق عدم التالى بعدم المقدم لكان الاستثناء بالحقيقة لعين التالى لا لنقيضه بل هى للتعليل فإنها موضوعة لتعليق وجود التالى بوجود المقدم إذا كانا مقدرين، والغرض من هذا الوضع أن يستثنى فيه نقيض التالى لينتج نقيض المقدم فيلزم تعليق عدم المقدم بعدم التالى كما هو مقتضى الملازمة فإنه المقصود من سياق قوله تعالى: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا} [الأنبياء: ٢٢] هذا هو المختار عند المصنف، ودل كلام النحاة على أن الغرض من وضعها أن تستعمل لانتفاء اللازم لأجل انتفاء ملزومه؛ فإن من قال: لو أكرمتنى لأكرمتك، أراد أن انتفاء إكرامه لانتفاء إكرام المخاطب لا عكسه، والمراد بالآية انتفاء الفساد الناشئ عن تعدد الآلهة لأجل انتفائه وقال: وقد تستعمل لو لمجرد الملازمة من غير أن يقصد عدم الملزوم بعدم اللازم أو عكسه كما فى قوله عليه السلام: "لو لم يخف اللَّه لم يعصه".

قوله: (وهذا الثانى وهو المذكور بلو يسمى قياس الخلف) ظاهر كلام المصنف أن الاستثنائى الذي يستثنى فيه نقيض التالى إذا كان مذكورًا بلو يسمى قياس الخلف وتعريفه إياه بإثبات الشئ بإبطال نقيضه يتناول ما يكون قياسًا بسيطًا كذلك، والجمهور على أن الخلف قياس مركب بأن يوضع المطلوب غير حق فيلزمه وضع نقيضه على أنه حق ويكون ملزومًا لمحال؛ فهنا قياسان: أحدهما اقترانى شرطى هكذا لو لم يكن المطلوب حقًّا لكان نقيضه حقًّا ولو كان نقيضه حقًّا كان المحال ثابتًا؛ فينتج لو لم يكن المطلوب حقًّا لكان المحال ثابتًا والملازمة الأولى بديهية،

<<  <  ج: ص:  >  >>