للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: (القياسات الاقترانية غير الشكل الأول. . . إلخ) قد تقدم أن حقيقة البرهان ووجه الدلالة لا يوجد إلا فى الشكل الأول فهو المنتج فى الحقيقة وهو السبب للعلم بالإنتاج، فمن ذلك وجب أن تكون الدلائل كلها مشتملة على هيئة الشكل الأول، وإلا لم تنتج أصلًا، وقد بين اشتمال ما عداه من الاقترانيات على هيئته وكيفية ردها إليه فأراد أن يبين اشتمال الاستثنائيات على الاقترانى بل على الشكل الأول وكيفية ردها إليه (وطريقه أن يجعل الملزوم وسطًا) ولا بد فيه لما عرفت من أن الإستدلال إنما يكون بالملزوم على اللازم (وثبوته) لموضوع المطلوب (صغرى واستلزامه) لمحموله (كبرى) مثاله من الاستثنائى المتصل الذى استثنى فيه عين المقدم أن يقال فى كلما: كان هذا إنسانًا كان حيوانًا لكنه إنسان فهو حيوان هذا إنسان وكل إنسان حيوان فهذا حيوان ولو استثنى ههنا نقيض التالى يقال فى رده: هذا ليس بحيوان وكل ما ليس بحيوان ليس بإنسان فهذا ليس بإنسان، ولما كان رد القسم الأول ظاهرًا ومثال القسم الثانى مذكورًا فى صدر الكتاب اقتصر على ذكر المثال من المنفصل وهو راجع إلى المتصل لما عرفت من استلزام التنافى تعدد اللوازم ولذلك قال فإنه يتضمن أنه كلما كان زوجًا لم يكن فردًا فالزوج هو الملزوم الذى يجعل وسطًا فإن قلت: رد الاستثنائى متصلًا كان أو منفصلًا إنما يتم بما ذكره إذا كان المقدم والتالى فى المتصلة والمنفصلة مشاركين فى الموضوع كما فى الأمثلة المذكورة وإلا يشكل بقولنا: إن كانت الشمس طالعة فالنهار موجود لكن الشمس طالعة فالنهار موجود وبقولنا: إما أن تكون الشمس طالعة، وإما أن يكون الليل موجودًا لكن الشمس طالعة فليس الليل بموجود قلت: أما الأول فيقال فى رده: هكذا النهار لازم لطلوع الشمس الوجود وكل ما هو لازم لطلوع الشمس الموجود موجود ينتج النهار موجود وأما فى الثانى فيقال: هكذا الليل مناف لطلوع الشمس الموجود وكل ما هو مناف لطلوع الشمس الموجود ليس بموجود، ينتج الليل ليس بموجود، والمراد بالملزوم أعم من أن يكون مذكورًا صريحًا أو ضمنًا صرح بكونه ملزومًا أو لا ولا بد فى الدليل من الملزوم للمطلوب الحاصل للمحكوم عليه كما تقدم إلا أن ثبوت هذا الملزوم لموضوع المطلوب ليس مأخوذًا من المقدمة الاستثنائية فقط لأن استلزامه لمحموله مأخوذ من المتصلة كبرى، وإنما ذلك من الأمثلة السابقة

<<  <  ج: ص:  >  >>