للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللغة، وحقيقة فيه ومجاز فى الأول بحسب العرف ولاندراجه تحتهما لم يتعرض له المصنف فى التقسيم السابق لا يقال: على تقدير وضعه لأمر مشترك بينهما لا يكون حقيقة فى شئ منهما؛ لأن إطلاق العام على الخاص على تقدير الجواز من أقسام المجاز؛ لأنا نقول: إذا أطلق العام وأريد الخاص من حيث خصوصه كان مجازًا، وأما إن أطلق عليه باعتبار عمومه أى باعتبار ما فيه من معنى العام وتستفاد الخصوصية من القرائن حالية أو مقالية فهو حقيقة لم يطلق إلا على معناه، وكذلك إذا حمل العام على الخاص بحسب معناه كان حقيقة أيضًا كقولك: الإنسان حيوان.

قوله: (وهو) أى كونه موضوعًا لأمر عام مشترك بينهما (معنى التواطؤ) يعنى الاشتراك المعنوى كما سيأتى.

قوله: (وأما الثانية) أى المقدمة الثانية وهى بطلان اللازم.

قوله: (فليس أمرًا واحدًا فيهما) لأن ذات الواجب تعالى مخالفة لسائر الذوات بالحقيقة وإن كان المسمى صفة فهو واجب فى القديم تعالى ممكن فى الحوادث.

قوله: (وأنه محال) لأن الوجوب بالذات والإمكان من لوازم الماهيات وهما متنافيان وتنافى اللزوم ملزوم لتنافى الملزومات فيلزم منافاة الشئ لنفسه، والجواب: إن أريد بوجوب الصفة فى القديم أن تلك الصفة واجبة بذاتها فهو ممنوع كيف والوجوب الذاتى ينافى الصفة لاحتياجها إلى الموصوف؟ وإن أريد أن تلك الصفة واجبة لذات القديم سبحانه بمعنى: أن ذاته تقتضيها اقتضاء تامًا فهو صحيح، وعلى هذا فإمكانها فى الحادث أن ذاته لا تقتضيها كذلك ولا استحالة فى كون الصفة الممكنة فى نفسها الواحدة بالحقيقة ثابتة لذاتين تقتضيها إحدهما دون الأخرى، فظهر أن الاختلاف فى الوجوب والإمكان لا يمنع التواطؤ أى الاشتراك المعنوى لا حققناه من أن الوجوب والإمكان راجعان إلى ذاتى القديم والحادث فاللازم حينئذ اختلاف الذاتين لا الصفة والقول بأن رجوعهما إلى الصفة يستلزم كون إحدى الصفتين مخالفة للأخرى فى الحقيقة ولا يمنع ذلك من اشتراكهما فى أمر عام بوضع اللفظ بإزائه كالسواد والبياض المشتركين فى معنى اللون باطل لأنا ننقل الكلام إلى ذلك الأمر العام المسمى بالوجود فإنه واجب فى القديم ممكن فى الحادث.

<<  <  ج: ص:  >  >>