للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذكره فى تعريف التقابل من أنه ذكر معنيين متقابلين تفسير للمطابقة على ما هو المشهور وأما التقابل فهو قسم منها وقد عرفوه بأن يؤتى بمعنيين متوافقين أو أكثر بما يقابلهما كقوله تعالى: {فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلًا وَلْيَبْكُوا كَثِيرًا} [التوبة: ٨٢]، إلا أنه لا مناقشة فى الاصطلاحات فجاز أن يطلق التقابل على ما يسمى مطابقة وبالعكس.

قوله: (وإنما يتصور ذلك) أى حصول التقابل بأحد المترادفين دون الآخر والمقصود دفع ما قيل من أن الترادف لا دخل له فى تفسير المطابقة أصلًا إذ المعتبر فيها الجمع بين معنيين متضادين فقط إلا إن تعسر مع ذلك كون أحدهما موازنًا للآخر أو موافقًا له فى الحرف الأخير أو نحوهما وتقريره أن المعنى تيسير الترادف للمطابقة حصولها بأحد المترادفين دون الآخر وذلك ممكن إذا كان أحدهما موضوعًا بالاشتراك لمعنى آخر غير ما ترادفا عليه يحصل باعتبار ذلك المعنى الآخر التقابل دون صاحبه أى لا يكون هو موضوعًا للمعنى الذى يحصل التقابل باعتباره كما قال بصرى لبغدادى: خسنا خير من خسكم فقال البغدادى فى جوابه خسنا خير من خياركم فوقع التقابل بين الخس والخيار بوجه وهو أن يراد بالخس الخسيس وبالخيار خلاف الأشرار ووقع بينهما المشاكلة أيضًا بوجه آخر وهو أن يراد بالخس النبت المعروف وبالخيار القثاء والمراد من المشاكلة هو التناسب المسمى بمراعاة النظير أعنى جمع أمر مع ما يناسبه لا بالتضاد ولا لمشاكلة المصلحة التى هى ذكر الشئ بلفظ غيره لوقوعه فى صحبته ولو قال: خسنا خير من قثائكم لم يحصل التقابل أصلًا بل كان هناك مشاكلة ثم إنك تعلم أن التقابل مع التشاكل فى هذا الكلام إنما نشأ من اشتراك كل من الخس والخيار بين معنييه فلاشتراك الخيار بين المعنيين مدخل فى حصول التقابل بخلاف كونه مرادفًا للقثاء إذ لا أثر له فى ذلك قطعا فإنا لو فرضنا أن القثاء لم يوضع لعناه لم يضر ذلك فى التقابل أصلًا نعم إذا فرض وضع القثاء لمعناه مقدمًا على وضع الخيار له كان لوضعه له مع ملاحظة وضعه للمعنى الآخر دخل فى حصول التقابل وبهذا يتم المطلوب إذ يكفى سندًا للمنع ولا يقدح فيه أنه لو عكس الغرض لم يكن لوضع القثاء أثر فى حصوله قيل هذا التوجيه إنما يصح لو كان عربيًا وقد صرح الجوهرى بخلافه والكلام فى المترادف من لغة واحدة إذ لا منكر له من اللغات المتعددة والصحيح أن تيسير الترادف للمطابقة فيما إذا أريد تكرارها بغير ما وقعت به أولًا فيقال مثلًا فيه قبض

<<  <  ج: ص:  >  >>