للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يلزم الدور؛ لأن العلم بأنه ليس بعض المعانى الحقيقية لا يتوقف على العلم يكون اللفظ مجازًا فيه لجواز أن يكون بعضًا آخر بخلاف سلب كل المعانى فإنه لا يمكن بدون العلم بأن اللفظ ليس بموضوع له أصلًا، وثانيهما أن ما ذكرت من لزوم الدور على تقدير تمامه إنما يصح فيما إذا أطلق لفظ على معنى ولم يعلم أنه حقيقة فيه أو مجاز أما إذا علم للفظ المستعمل معنى حقيقى ومعنى مجازى ولم يعلم أيهما المراد فى هذا المقام لخفاء القرينة فصحة نفى المعنى الحقيقى عن المورد أى الحل الذى ورد فيه الكلام يدل على أن المراد هو المعنى المجازى فيعلم بذلك أن اللفظ مجاز وليس المراد بالمورد هو المعنى المجازى ليرد الاعتراض بأنا إذا لم نعرف المراد فكيف يمكننا سلب المعنى الحقيقى عنه أو إثباته له مثلًا إذا قيل:

طلع البدر علينا ... من ثنيات الوداع

وقد صح فى هذا المقام أن يقال: الطالع ليس هو القمر علم أن المراد إنسان كالقمر فى الحسن والبهاء ولا يخفى أن هذا بالقرائن أشبه منه بالعلامات.

قوله: (بأن لا يتبادر) أى فعلامة الحقيقة أن لا يتبادر غير المعنى المستعمل فيه لولا القرينة الدالة على أن المراد غيره يعنى أن هذه علامة مطردة منعكسة إذ تبادر الغير علامة المجاز وعدمه علامة الحقيقة.

قوله: (الاعتراض) تقريره على ما ذكره الآمدى فى الأحكام وتبعه الشارحون أن هذه العلامة [هى التبادر] (*) تنتقض بالمشترك فإنه حقيقة فى مدلولاته مع عدم تبادر شئ منها عند الإطلاق وأجاب الآمدى بأنه إن كان لجميع المدلولات على العموم فلا إشكال، وإن كان على سبيل البدل فهو حقيقة فيه لا فى المعين فالمعنى الحقيقى أعنى الأحد الدائر متبادر وغير التبادر أعنى العين ليس بمعنى حقيقى فلا إشكال واعترض عليه المصنف بأنه حينئذ يكون متواطئًا أى مشتركًا معنويًا؛ لأن له مفهومًا واحدًا لمعنيين فلا يكون مشتركًا لفظيًا ولما كان أصل الاعتراض فاسد إما على علامة المجاز فظاهر، وإما على علامة الحقيقة فلأن العلامة لا يجب انعكاسها عدل الشارح المحقق عن هذا التقرير إلى أن المراد الاعتراض بالمشترك المستعمل فى معناه المجازى كالعين فيما يشبه الهمس فإنه تحقق علامة الحقيقة أعنى عدم تبادر


(*) أى فإنه علاقة الحقيقة على هذا التقدير، وقوله: (فلا إشكال): أى لأن الجميع يتبادر منه، وقوله: (فهو حقيقة) أى فى الأحد الدائر.

<<  <  ج: ص:  >  >>