بعدم الوضع للمعنى المستعمل فيه، فلو علم عدم الوضع له بعدم الاطراد لكان دورًا ولا يلزم ذلك عند ترك التقييد بعدم المانع لجواز أن يعلم عدم الاطراد بالعلم بالمانع، ومبنى هذا التحقيق على ما تقرر فى العلوم الحكمية من أن ذا السبب إنما يعلم بسببه وإلا فيجوز أن يعلم عدم الاطراد ولا يعلم سببه فلذا قال: وقد يجاب بأن السخى يعنى أن المراد يكون عدم الاطراد علامة المجاز أنه إذا استعمل لفظ فى شئ بناء على معنى وترددنا فى أنه حقيقة أو مجاز ثم وجدناه لا يستعمل فى شئ آخر مع وجود ذلك المعنى علمنا أنه فى ذلك الشئ مجاز وأنه ليس بموضوع لذلك المعنى وإلا لصح استعماله فى فرده الآخر ولا يلزم الدور؛ لأن عدم الاطراد قد يعلم بالنقل أو الاستقراء أو نحو ذلك ولا يرد النقض بالصور المذكورة لأنا لما وجدناهم لا يطلقون السخى والفاضل على اللَّه تعالى علمنا أن السخى ليس للجواد مطلقًا، والفاضل ليس للعالم مطلقًا بل مع خصوصية قيد لا يوجد فى اللَّه تعالى كجواز البخل والجهل مثلًا وككون الفاضل لمن زاد علمه على فرد من بين نوعه وكذا القارورة ليست لمقرّ المائعات مطلقًا بل مع خصوصية كونه من الزجاج.
قوله:(ووجه دلالته) إشارة إلى دفع اعتراض الشارح العلامة بأن الاختلاف فى الجمع لا يدل على التجوز لجواز أن يكون لاختلاف المسمى كالعيدان لعود الخشب والأعواد لعود اللهو، وذلك أن اختلاف الجمع يدل على أن اللفظ ليس متواطئًا فى المعنيين وهو ظاهر وقد علم كونه حقيقة فى أحد المعنيين اتفاقًا فلو لم يكن فى الآخر مجازًا لزم الاشتراك وهو خلاف الأصل فإن قيل فلا أثر لاختلاف الجمع بل كل لفظ علم كونه حقيقة فى معنى إذا استعمل فى معنى آخر يحمل على المجاز دفعًا للاشتراك قلنا: هذا يصلح دليلًا على المجازية وأما العلامة فهى الجمع على خلاف الجمع إذ به يعرف أنه ليس بمتواطئ ولا يخفى ما فيه.
قوله:(ويمتنع) أى لا يصح فى جمع الأمر بمعنى الفعل لفظ أوامر الذى هو جمع الأمر بمعنى القول الذى لفظ الأمر حقيقة فيه بالاتفاق.
قوله:(نحو نار الحرب) الظاهر أن مثله من قبيل الاستعارة التخييلية كأظفار المنية ويد الشمال والمحققون على أنه مستعمل فى معناه الموضوع له وإنما التجوز والاستعارة فى إثباته لما ليس له؛ خلافًا لصاحب المفتاح حيث جعله مجازًا مستعملًا فى الصورة الوهمية الشبيهة بمعناه الأصلى.
قوله:(ومنها أن يكون إطلاقه لأحد مسمييه) فيه إشارة إلى أن المشاكلة من قبيل