للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على الحقيقة أظهر؛ لأن العلم بعدم صحة سلب جميع المعانى الحقيقية عن المعنى المستعمل فيه يتوقف على العلم بكونه من المعانى الحقيقية، فإثبات كونه حقيقة فيه بعدم الصحة يستلزم دورًا صريحًا بمرتبة واحدة.

قوله: (وقد يجاب) والغالب من طريقته فى هذا الكتاب أنه يعبر عن سوانحه بـ "قد يقال" أو بـ "قد يجاب" فإن قلت: لو كفى سلب بعض المعانى الحقيقية لزم كون المشترك مجازًا فى كل واحد من معانيه قلت: ذلك إنما هو فيما لم يعلم أنه حقيقة فيه أو مجاز أما إذا علم كونه حقيقة فيه كما فى المشترك المعلوم اشتراكه بالنقل أو العلاقة فلا وأنت تعلم أن هذا الجواب إنما يجرى فى المجاز دون الحقيقة لأن العلم بعدم صحة سلب بعض المعانى الحقيقية عن المعنى المفروض إنما يتحقق إذا علم أنه بعض منها وإلا لصح سلب جميعها عنه؛ وكذا الجواب الثانى إذ حاصله أن معرفة كون اللفظ حقيقة أو مجازًا فى معنى مفروض بهذه العلاقة تستلزم الدور؛ أما إذا علم معناه الحقيقى والمجازى ثم استعمل اللفظ فى مورد ولم يعلم أى المعنيين هو المراد؛ أمكن أن يعلم بصحة نفى جميع المعانى الحقيقية عن المورد أن المراد هو المعنى المجازى، فيعلم أن هذا اللفظ فى هذا المحل مجاز وليس يمكن أن يعلم بعدم صحة سلب جميعها عنه أن المراد هو المعنى الحقيقى فيعلم أنه ههنا حقيقة؛ لأن اللفظ الموضوع للعام إذا استعمل فى الخاص كان مجازًا مع امتناع سلب المعنى الحقيقى عن المورد ولذلك تراه قد تعرّض فى الجوابين للمجاز دون الحقيقة.

قوله: (فإنها تعرف بأن لا يتبادر غبره لولا القرينة) فسر العكس بعدم تبادر الغير لولا القرينة وهو أعم من أن يتبادر هو أولا وجعل المشترك اعتراضًا على طرد علامة الحقيقة فإنها قد وجدت فى المشترك المستعمل فى معناه المجازى مع انتفاء الحقيقة وأما غيره فقد فسر العكس بتبادره إلى الفهم لولا القرينة وأورد المشترك على عكس علامة الحقيقة، وإنما اختار ذلك التفسير لوجهين؛ أحدهما: أن علامة الشئ خاصة له وقد تكون مفارقة غير منعكسة فإذا قيل: علامة المعنى الحقيقى أن يتبادر هو إلى الفهم لولا القرينة لم يتجه أن يقال: المشترك حقيقة فى كل واحد من معانيه ولا يتبادر شئ منها؛ إذ حاصله أنه وجد ههنا الحقيقة ولم توجد خاصتها ولا محذور فيه، وأما على توجيه الشارح فاللازم وجود خاصة الشئ

<<  <  ج: ص:  >  >>