قال:(واللفظ قبل الاستعمال ليس بحقيقة ولا مجاز وفى استلزام المجاز الحقيقة خلاف بخلاف العكس الملزم لو لم يستلزم لعرى الوضع عن الفائدة النافى لو استلزم لكان لنحو قامت الحرب على ساق، وشابت لمة الليل حقيقة وهو مشترك الإلزام للزوم الوضع والحق أن المجاز فى المفرد ولا مجاز فى المركب وقول عبد القاهر فى نحو أحيانى اكتحالى بطلعتك أن المجاز فى الإسناد بعيد لاتحاد جهته ولو قيل لو استلزم لكان للفظ الرحمن حقيقة ولنحو عسى كان قويًا).
أقول: اللفظ بعد الوضع وقبل الاستعمال لا يتصف بكونه حقيقة ولا مجازًا لخروجه عن حدهما إذ لا يتناوله جنسهما وهو المستعمل ثم إن الحقيقة لا تستلزم المجاز إذ قد يستعمل اللفظ فى مسماه ولا يستعمل فى غيره ويعلم بالضرورة أن هذا غير ممتنع فهذا متفق عليه وأما عكسه وهو أن المجاز هل يستلزم الحقيقة أم لا بل يجوز أن يستعمل اللفظ فى غير ما وضع له ولا يستعمل فيما وضع له أصلًا فقد اختلف فيه احتج القائل بلزوم الحقيقة للمجاز لو لم يستلزم المجاز الحقيقة لعرى الوضع عن الفائدة وأنه غير جائز بيانه أن فائدة وضع اللفظ لمعنى إنما هو إفادة المعانى المركبة فإذا لم يستعمل لم يقع فى التركيب فانتفت فائدته وقد يجاب بأن الفائدة لا تنحصر فيما ذكرتم فإن صحة التجوز لما يناسبه فائدة، ثم نلتزم اللازم إذ لا كل ما يقصد به فائدة تترتب عليه واحتج النافى لاستلزامه لها بأنه لو استلزمها لكان لنحو: قامت الحرب على ساق وشابت لمة الليل من المركبات حقيقة واللازم منتف قطعًا وقد أجيب عنه بأنه مشترك الإلزام إذ الوضع لمعنى لازم للمجاز قطعًا فيجب أن تكون هذه المركبات موضوعة لمعنى متحقق وليس كذلك وهذا إلزامى.
والجواب المحقق: أن المجاز إنما هو فى المفردات واستعمالها متحقق ولا مجاز فى المركب حتى يلزم أن يكون له معنى فيلزم الاستعمال أو الوضع فيه فإن قلت فقد قال عبد القاهر فى نحو أحيانى اكتحالى بطلعتك: إن المجاز فى الإسناد فإن موجد السرور هو اللَّه تعالى قلنا هذا بعيد لاتحاد جهة الإسناد فإنه لا فرق فى اللغة بين قولك: سرنى رؤيتك ومات زيد وضرب عمرو فإن جهة الإسناد واحدة فى الكل لا يخطر بالبال عند الاستعمال غيرها والذى يزيل الوهم بالكلية أن يجعل الفعل مجازًا فى التسبب العادى ثم ذكر المصنف أن ههنا دليلًا من قبل النافى لو قيل به لكان قويًا وذلك أنه لو استلزم المجاز الحقيقة لكان للفظ الرحمن حقيقة