فيه باعتبار جهة ومجازًا باعتبار جهة أخرى إذ لا يفهم فى اللغة من التركيب فى هذه الصور إلا الإسناد بجهة واحدة والذى يزيل توهم المجاز فى التركيب والإسناد بالكلية أن يجعل الفعل نحو سرّ مثلًا مجازًا فى التسبب العادى وحقيقة فى التسبب الحقيقى فيظهر أن المجاز فى المفرد لا فى المركب وإنما أورد ثلاثة أمثلة لأن الفعل إما أن يسند إلى غير فاعله كما فى الأول أو يسند إليه فإما أن يكون عدميًا كما فى الثانى أو وجوديًا كما فى الثالث.
قوله:(لكان للفظ الرحمن حقيقة) أى استعمال فى المعنى الحقيقى وهو ذو الرحمة مطلقًا ولم يستعمل فيه وإلا لجاز إطلاقه لغير اللَّه سبحانه ولم يجز قطعًا وأما قول بنى حنيفة فى مسيلمة: رحمان اليمامة، ومنه قول شاعرهم:
* وأنت غيث الورى لا زلت رحمانًا *
فباب من تعنتهم فى كفرهم ومردود فى عرف أهل اللغة أيضًا فلا يعتدّ به فالرحمن موضوع لمعنى عام ولم يستعمل إلا فى خاص مجازًا وقيل: هو من الصيغ الموضوعة للمذكر فاستعماله فى غيره كالبارئ تعالى مجاز وليس بشئ وقيل: هو مشتق من الرحمة أعنى رقة القلب التى لا تتصور فى حقه سبحانه فهو فيه مجاز وأما نحو: عسى من الأفعال التى لم تستعمل فى زمان معين مع كونه داخلًا فى مفهوم الفعل فمن إطلاق لفظ الكل على الجزء.
قوله:(الأول التأويل فى المعنى) وهو أن القائل أورد هذا المعنى أعنى إسناد الإثبات إلى الربيع لا ليصدّق به بل ليتصور فينتقل الذهن منه إلى إثبات اللَّه تعالى فى الربيع وعلى هذا فالمجاز عقلى لأن موضع هذا الإسناد بحكم العقل هو الفاعل الحقيقى وقد عدل به عنه إلى أمر آخر فقد تصرّف فى أمر يتعلق بالعقل لا لغوى إذ لم يتصرف فى أمر يتعلق بها أصلًا وأما قول المصنف: إنّ أنبت موضوع للتسبب الحقيقى واستعماله فى التسبب العادى مجاز فقد صرح به فى المنتهى وهو مذهب شرذمة من الناس وقد زيفه صاحب المفتاح وغيره.
قوله:(من الاستعارة التخييلية) لو قيل من الاستعارة بالكناية لكان أحسن إذ لا تخييلية فى: أنبت الربيع وإن كانت لازمة للاستعارة بالكناية غالبًا.
قوله:(وهذه وضعت لملابسة الفاعلية فإذا استعملت لملابسة الظرفية أو نحوها كانت مجازًا) بهذا ظهر فساد ما استبعد به المصنف كلام الشيخ من اتحاد الجهة