للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مبتدأ ما بعده خبره وتقديره {وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ} [التحريم: ٨] لم قلتم: إنه ليس كذلك.

قوله: (الحقيقة الشرعية) هى اللفظ المستعمل فيما وضع له فى عرف الشرع أى وضعه الشارع لمعنى بحيث يدل عليه بلا قرينة؛ سواء كان ذلك لمناسبة بينه وبين المعنى اللغوى فيكون منقولًا أو لا؛ فيكون موضوعًا مبتدأ والحقيقة الدينية اسم لنوع خاص من ذلك وهو ما وضعه الشاعر لمعناه ابتداء بأن لا يعرف أهل اللغة لفظه أو معناه أو كليهما، والظاهر أن الواقع هو القسم الثانى فقط أعنى ما لم يعرف أهل اللغة معناه، وزعمت المعتزلة أن أسماء الذوات أى ذوات الموصوفات كالمؤمن والكافر أو ذوات الصفات كالإيمان والكفر من قبيل الدينية؛ يعنى أن أهل اللغة لم يعرفوا معانيها وأسماء الأفعال المفتقرة إلى تأثير وعلاج سواء أخذت بدون ما يتصف بها كالصلاة والزكاة؛ أو معها كالمصلى والمزكى ليست من قبيل الدينية وفى لفظ زعموا إشارة إلى أن هذا دعوى لا برهان عليها.

قوله: (ومحل النزاع) يعنى لا نزاع فى أن الألفاظ المتداولة على لسان أهل الشرع المستعملة فى غير معانيها اللغوية قد صارت حقائق، وإنما النزاع فى أن ذلك بوضع الشارع وتعيينه إياها بحيث تدل على تلك المعانى بلا قرينة فتكون حقائق شرعية كما هو مذهبنا أو بغلبتها فى تلك المعانى فى لسان أهل الشرع والشارع إنما استعملها فيها مجازًا بمعونة القرائن فتكون حقائق عرفية خاصة لا شرعية وهو مذهب القاضى فإذا وقعت مجردة عن القرائن فى كلام أهل الكلام والفقه والأصول ومن يخاطب باصطلاحهم تحمل على المعانى الشرعية وفاقًا وأما فى كلام الشارع فعندنا تحمل عليها وعند القاضى تحمل على معانيها اللغوية وبعد تحرير محل النزاع ينبغى أن يعلم أن الآمدى فى الأحكام والإمام فى المحصول لم يذكرا سوى مذهبين أحدهما إثبات كونها حقائق شرعية ونسبه كل منهما إلى المعتزلة مع تصريح الآمدى بنسبته إلى الفقهاء أيضًا، وثانيهما نفى ذلك ونسبة كل منهما إلى القاضى وكلام المتن يوافق ذلك ولما كان فى كلام المنهاج ما يشعر بأن هناك مذهبًا ثالثًا حيث قال بعد تقرير المذهبين والحق أنها مجازات اشتهرت لا موضوعات مبتدأة نفاه الشارح؛ لأنه مذهب القاضى بعينه على ما تقرر فى محل النزاع وهذا تحقيق

<<  <  ج: ص:  >  >>