للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: (حتى إذا وجدناها) إشارة إلى فائدة الخلاف فإنا إذا قلنا: إن الشارع وضعها لهذه المعانى على أحد الوجهين فإذا وجدناها فى كلامه مجردة عن القرينة حملناها على المعانى الشرعية إذ الظاهر أنه يتكلم باصطلاحه وهذه المعانى هى الحقائق بالقياس إليه، وإن قلنا: بعدم الوضع حملناها على المعانى اللغوية لأنه يتكلم على قانون اللغة وهذه الحقائق منها وأما فى استعمال المتشرعة من الفقهاء والمتكلمين فتحمل على المعانى الشرعية بلا خلاف أما على الأول فلأن ظاهر حالهم أنهم يتكلمون باصطلاح الشارع وأما على الثانى فلأن الظاهر أنه عرفهم وهذه بالقياس إليهم حقائق عرفية.

قوله: (ثم لم يذكر فى الأحكام والمحصول) قال فى الأحكام: لا شك فى إمكان الحقيقة الشرعية إذ لا إحالة فى وضع الشارع اسمًا من أسماء أهل اللغة أو من غير أسمائهم على معنى يعرفونه لم يكن موضوعًا لأسمائهم، ثم قال: وإنما الخلاف نفيًا وإثباتًا فى الوقوع والمجاز ههنا مفروض فيما استعمله الشارع من أسماء اللغة كلفظ الصوم والصلاة هل خرج به عن وضعهم أو لا فمنع القاضى أبو بكر من ذلك وأثبته المعتزلة والخوارج والفقهاء وقال فى المحصول الحقيقة الشرعية هى اللفظ الذى استفيد من الشرع وضعه للمعنى سواء كان المعنى واللفظ مجهولين عند أهل اللغة أو كانا معلومين لكنهم لم يضعوا ذلك الاسم لذلك المعنى أو كان أحدهما مجهولًا والآخر معلومًا واتفقوا على إمكانه واختلفوا فى وقوعه فالقاضى أبو بكر منع منه مطلقًا والمعتزلة أثبتوا مطلقًا.

قوله: (كونها حقيقة شرعية) يشمل المنقول والموضوع المبتدأ كما يفهم من إطلاق كلامه فى الأحكام والمحصول وقد حققناه آنفًا.

قوله: (والحق أنه لا ثالث لهما) فإن القاضى ينفى كونها حقائق شرعية زاعمًا أنها مجازات لغوية ولهذا قال أولًا: وقد استعملت فى غير معانيها اللغوية فجعل الاستعمال فى الغير متفقًا عليه وإنما النزاع فى أنه هل هو بوضع من الشارع على أحد الوجهين وهو مذهب المعتزلة أو لا فتكون مجازات لغوية قطعًا وهو مذهب القاضى ولا ثالث لهما حينئذ ومنهم من زعم أن مذهب القاضى أنها مبقاة على حقائقها اللغوية فتصير المذاهب ثلاثة: كونها حقائق لغوية وكونها مجازات لغوية وكونها حقائق شرعية ولا خفاء فى بعد نسبة هذا المذهب إلى القاضى كيف وقد

<<  <  ج: ص:  >  >>