للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: (قال فى المنتهى) إشارة إلى رد جواب المنكرين لوقوع المجاز فى القرآن عن بعض ما أورد فى الآيات زعمًا منهم أن قوله: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى: ١١]، حقيقة فى نفى الشبيه ومعناه ليس كذاته شئ كما فى قوله تعالى: {فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ} [البقرة: ١٣٧]، أى بنفسه ومثلك لا يقول هذا أى نفسك كذا فى الأحكام وأن القرية مجتمع الناس من قرأت الناقة جمعت لبنها فى ضرعها ووجه الرد فى الآية الأولى؛ ولأن (١) ما ذكروا يستلزم التناقض لأنه مثل مثله ضرورة أن التماثل يكون من الجانبين فيكون الكلام صريحًا فى نفى مثل المثل مستلزمًا لإثبات المثل ولا يكون معناه ليس كذاته شئ ويشعر بإثبات المثل للَّه تعالى، لأن النفى يعود إلى الحكم لا إلى المتعلقات فقولنا ليس كابن زيد أحد يدل ظاهرًا على أن لزيد ابنًا وإن كان يحتمل أن يكون نفى المثل له بناء على عدمه، وقد يجاب عن الأول بمنع لزوم التناقض وإنما يلزم لو لم يكن نفى مثل المثل بنفى المثل دفعًا للتناقض وتحقيقه أن نفى مثل المثل مستلزم لنفى المثل ضرورة أنه لو وجد له مثل لكان هو مثلًا لمثله فلا يصح نفى مثل المثل فهذا الكلام صريح فى نفى الشبيه أعنى مثل المثل كناية عن نفى الشريك أعنى ثبوت المثل وعن الثانى بمنع كون هذا الكلام ظاهرًا فى إثبات مثله كيف ونقيضه وهو نفى مثله قطعى لئلا يلزم التناقض، وأيضًا يحتمل أن يكون لفظ المثل هنا مثله فى قولهم مثلك لا يبخل على معنى أن من كان على صفته وشبهه فهو لا يبخل فكيف هو فكذا المعنى ههنا أن من كان على صفة المثل وشبهه فهو منتف فكيف الثل حقيقة وحينئذ يكون الكلام لنفى الشبيه والشريك من غير تناقض، وأما فى الآية الثانية فمن جهة المعنى والاشتقاق أما المعنى فلأنه إن أريد بمجتمع الناس محل اجتماعهم على ما هو الظاهر فليس بمفيد لأنه غير الناس والمسئول إنما هو الناس وإن أريد به الناس المجتمعون على ما صرح به الآمدى فى الأحكام فغلط للقطع بأن القرية ليست اسمًا للناس المجتمعين، وأما الاشتقاق فلأن القرية من المنقوص وقرأت الناقة من المهموز.

قوله: (وقولهم) أى قول المنكرين فى قوله تعالى: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} [يوسف: ٨٢]، أن المعنى واسأل القرية بطريق الحقيقة فإنها تجيبك بخلق اللَّه تعالى الجواب فيها وفى قوله تعالى {جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ} [الكهف: ٧٧]، الإرادة حقيقية بخلق اللَّه


(١) ولأن. . . إلخ. كذا فى الأصل ولعل قبل هذا سقطًا فحرر. كتبه مصحح طبعة بولاق.

<<  <  ج: ص:  >  >>