فى الجملة ولما كان الاشتقاق عند الإطلاق هو الأصغر وهو الذى قصده المصنف بالتعريف لم يكن بد من إرادة قيد الترتيب، وإن لم يصرح به ليخرج الاشتقاق الكبير الذى يتحقق فيه الموافقة فى المعنى كالجذب والجبذ والحمد والمدح بخلاف مثل الكنى والنيك فإنه خارج بقيد الموافقة فى المعنى.
قوله:(هو أن تجد بين اللفظين تناسبًا) إن أريدى تعريف الاشتقاق الأصغر فالمراد بالتناسب هو التوافق، وإن أريد الأعم على ما مر من أن المناسبة أعم من الموافقة بحيث يكون التناسب فى التركيب متناولًا لمثل الحمد والمدح.
قوله:(وأنت تعلم) يعنى أن الاشتقاق باعتبار العلم أن نجد اللفظ موافقًا لأصل بحروفه الأصول ومعناه وباعتبار العمل هو أن تأخذ من اللفظ ما يوافقه فى حروفه الأصول ومعناه.
قوله:(وتحقيقه) يعنى إذا اعتبر معنى الأصل فى المشتق بحيث يكون داخلًا فى مفهومه ويكون المشتق اسمًا لذات مبهمة من حيث انتساب ذلك المعنى إليها بالصدور عنها أو الوقوع عليها أو فيها أو نحو ذلك فهو مطرد؛ إلا لمانع كالفاضل لا يطلق على اللَّه تعالى مع إثبات الفضل له وإذا اعتبر من حيث إنه يرجح تعيين الاسم المشتق من بين الأسماء لهذا المعنى ولا يدخل فى مفهومه، ويكون المشتق اسمًا لذات مخصوصة يوجد فيها معنى الأصل لكن وجوده فيها لا يكون معتبرًا فى مفهوم الاسم فهو غير مطرد هذا ولكن ليس المراد بقوله ذات ما الذات المبهم على الإطلاق؛ لأنه إنما يكون فى الصفات خاصة دون أسماء الزمان والمكان والآلة على ما سبق تحقيقه.
قوله:(وحاصله) يعنى إذا سميت شيئًا باسم لوجود معنى فيه بمعنى أن يكون هو العلة لصحة الإطلاق فهو مطرد كالأحمر لمن له الحمرة، وإذا سميته باسم بسبب وجود المعنى فيه بأن يكون سببًا للتسمية والتعيين غير داخل فى مفهوم الاسم فهو غير مطرد كالقارورة، وقد يفهم من اللام السببية للتسمية ومن الباء الاعتبار فى المفهوم أى إن كانت التسمية لأجل ذلك المعنى فغير مطرد وإن كانت باعتباره فمطرد، والعبارة المحررة أن اعتبار المعنى قد يكون للتصحيح فيطرد وقد يكون للترجيح فلا يطرد.