القرآن ويمشى من مكة إلى المدينة ويراد به أجزاء من الماضى ومن المستقبل متصلة لا يتخللها فصل يعدّ عرفًا تركًا لذلك الأمر وإعراضًا عنه سلمنا ذلك لكن لا يلزم من عدم اشتراط البقاء فيما تعذر عدم الاشتراط مطلقًا وهو معنى قوله:(وأيضًا فإنه يجب أن لا يكون كذلك) أى يجبط أن لا يكون المشتق مما لا يمكن بقاؤه حتى يشترط فيه البقاء وإلا لم يشترط وهذا رجوع إلى القول الثالث بتخصيص الدعوى.
قوله:(على المشاحة فى مثله) يعنى ليس مبنى اللغة على المضايقة فى أن ما تتقضى أجزاؤه شيئًا فشيئًا هل هو باق أم لا؟ بل يعنون ببقاء المعنى عدم انقضائه بالكلية حتى يقولون لمن هو مباشر للأخبار والكلام إنه مخبر ومتكلم حقيقة، وأن المعنى باق غير منقض وكذا المتحرك ما دام متوسطًا بين المبدأ والمنتهى.
قوله:(بدليل صحة الحال) حمله بعض الشارحين على لفظ الحال فإنه يطلق على الزمان الحاضر مع أنه لا استقرار لأجزائه، وإنما الموجود منه أن لا يتقسم وفساده بين فإن مدلول اللفظ قد يكون معدومًا بجميع أجزائه بل مستحيلًا فأين هذا عما نحن فيه، وهو أنه لا اشترط فى حقيقة المشتق بقاء المعنى لم يبق لهذه المشتقات التى يمتنع بقاء معانيها حقائق فلهذا عدل الشارح المحقق عن ذلك وقال: المراد فعل الحال المشتق عن المصادر التى يمتنع وجود معانيها فى أن الضرب والمشى والحركة والتكلم ونحو ذلك فإق يلزم أن لا يكون حقيقة أصلًا للقطع بأنه ليس بحقيقة فيما مضى ولا فيما يستقبل بل فى الحاضر وتحقق مثل هذه المعانى فى الآن الحاضر محال أو فعل الحال من هذه المشتقات كيتكلم ويخبر فإنه يلزم أن لا يكون حقيقة لتعذر حصول معانيها لتوقفه على تقرر الأجزاء، والوجهان متقاربان والأول صريح فى المنتهى حيث قال وإلا تعذر أكثر المشتقات وجميع أفعال الحال إلا أن الشارح قيد أفعال الحال أيضًا بالأكثر احترازًا عن الأفعال الآتية كيوجد ويعدم والثانى أقرب إلى لفظ المصنف فى هذا الكتاب لتبادر الفهم إليه والاستغناء عن التقييد بالزمان.
قوله:(وأيضًا فإنه يجب أن لا يكون كذلك) جمهور الشارحين على أن معناه أنه يلزم أن لا يكون بقاء المعنى المشتق منه كذلك أى شرطًا بتمامه فى المصادر