قال:(أما حده لقبًا: فالعلم بالقواعد التى توصل بها إلى استنباط الأحكام الشرعية الفرعية عن أدلتها التفصيلية، وأما حده مضافًا: فالأصول: الأدلة، والفقه: العلم بالأحكام الشرعية الفرعية عن أدلتها التفصيلية بالاستدلال).
أقول: اللقب علم يشعر بمدح أو ذم وأصول الفقه علم لهذا العلم يشعر بابتناء الفقه فى الدين عليه وهو صفة مدح ثم إنه منقول من مركب إضافى فله بكل اعتبار حد.
أما حده لقبًا: فالعلم بالقواعد التى يتوصل بها إلى استنباط الأحكام الشرعية الفرعية عن أدلتها التفصيلية والذى يكشف عن حقيقته أن الأحكام قد تؤخذ لا من الشرع كالتماثل والاختلاف وقد تؤخذ منه وتلك إما اعتقادية لا تتعلق بكيفية عمل وتسمى أصلية أو عملية تتعلق بها وتسمى فرعية وهذه لا تكاد تتناهى، فامتنع حفظها كلها لوقت الحاجة للكل فنيطت بأدلة كلية [بغيرهما](*) من عمومات وعلل تفصيلية، أى كل مسألة مسألة بدليل دليل لتستنبط منها عند الحاجة وإذ ليس فى وسع الكل أيضًا أن ينتهض له لتوقفه على أدوات يستغرق تحصيلها العمر وكان يفضى إلى تعطل غيره من المقاصد الدينية والدنيوية فخص قوم بالانتهاض له وهم المجتهدون والباقون يقلدونهم فيه فدونوا ذلك وسموا العلم الحاصل لهم ومنها فقهًا وأنهم احتاجوا فى الاستنباط إلى مقدّمات كلية كل مقدّمة منها يبتنى عليها كثير من الأحكام وربما التبست ووقع فيها الخلاف فتشعبوا فيها شعبًا وتحزبوا أحزابًا ورتبوا فيه مسائل تحريرًا واحتجاجًا وجوابًا فلم يروا إهمالها نصحًا لمن بعدهم وإعانة لهم على درك الحق منها بسهولة فدوّنوها وسموا العلم بها أصول الفقه فكان حده ما ذكرنا وفوائد القيود قد ظهرت.
وأما حده مضافًا: فلا بد فى معرفة المركب من معرفة مفرداته من حيث يصح تركيبها وأصول الفقه مفرداته الأصول والفقه من حيث دلالتهما على معنيهما فالأصول الأدلة. وذلك أن الأصل فى اللغة ما يبتنى عليه الشئ ويقال فى الاصطلاح للراجح يقال الأصل الحقيقة وللمستصحب يقال تعارض الأصل والطارئ وللقاعدة الكلية يقال لنا أصل وهو أن الأصل مقدّم على الطارئ وللدليل
(*) [بغيرهما]: هذه اللفظة سقطت من نسخة بولاق، استدركناها من حاشية الشيخ الجيزاوى.