النطق فاسم الفاعل مثلًا حقيقة فيمن هو متصف بالمعنى حين قيامه به حاضرًا عند النطق أو مستقبلًا ومجازًا فيمن يتصف به وكذا فيمن اتصف به فيما مضى ودرج على ذلك ابن السبكى فى جمع الجوامع حيث قال: والجمهور على اشتراط بقاء المعنى فى كون المشتق حقيقة إن أمكن وإلا فآخر جزء منه ومن ثم كان اسم الفاعل حقيقة فى الحال أى حال التلبس لا النطق خلافًا للقرافى. اهـ. ومعنى قوله: ومن ثم كان اسم الفاعل حقيقة فى الحال أى حال التلبس أنه من أجل اشتراط الجمهور بقاء المشتق منه فى كون إطلاق المشتق حقيقة إن أمكن وإلا فآخر جزء منه كان اسم الفاعل موضوعًا للمتصف بالحدث فيلزمه أن لا يطلق حقيقة إلا إذا كان باعتبار حال الاتصاف وزمنه فهناك فى كل كلام زمانان زمن ثبوت المحكوم به للمحكوم عليه وهو الذى يقال له حال اعتبار الحكم وزمن إثبات النسبة وهو الذى يقال له حال التكلم وحال الحكم فإذا قلنا مثلًا: ضرب زيد فزمان نسبة الضرب هو الزمان الماضى إذ فيه ثبت الضرب لزيد واتصف به وأما زمان إثبات هذه النسبة فهو حال التكلم بهذا الكلام فلا يكون أحدهما عين الآخر فالحال فى قولهم اسم الفاعل حقيقة فى الحال المراد به حال التلبس بالحدث وهو حال اعتبار الحكم وزمن ثبوت النسبة فإطلاق اسم الفاعل إنما يكون مجازًا إذا أطلق على غير المتصف باعتبار أنه كان اتصف أو أنه سيتصف وأما إطلاقه على المتصف باعتبار اتصافه فحقيقة سواء كان الاتصاف فى الحال أو فى الماضى أو فى المستقبل هذا على رأى الجمهور أما على رأى غيرهم ممن لا يشترط بقاء المعنى مطلقًا فإطلاقه على غير المتصف حقيقة استصحابًا للأصل إذا كان قد اتصف فى الماضى وأما إطلاقه على من يتصف فى المستقبل فمجاز اتفاقًا وهذا كله عند عدم التقيد بالأمس أو الغد أما لو قلت: زيد ضارب أمس أو غدًا فحقيقة خلافًا لما فى الشارح واعلم أن قولهم اسم الفاعل حقيقة فى الحال أى حال التكلم على ما فهمه القرافى مشكل من جهة أنه لم يوضع للزمان أصلًا وأجاب شارح مسلم الثبوت بأن ذلك عند أفراده وأما فى التركيب فيدل على الزمان.
الشارح:(وقبل وجوده كالضارب لمن لم يضرب وسيضرب مجازًا اتفاقًا) قال فى مسلم الثبوت وشرحه فيه نظر فإن ابن سينا وأتباعه ذهبوا فى تحصيل معنى القضية إلى أن معنى كل أبيض كل ما يصدق عليه أبيض بالفعل فى أحد الأزمنة